الأمل بالعمل



الأكثر زيارة
 الصفحة الرئيسية   ثقافة و فن   

المعتقدات الشعبية في التراث الدمشقي بين الطرافة واللاواقعية ونقل وجدان وثقافة الأجداد
April 20, 2013 11:47

 
دمشق-سانا
امتلكت مدينة دمشق على الدوام تراثاً شعبياً غزيراً وحافلاً بعدد لا يحصى من فرائد ونوادر الأمثال والقصص والحكايا والأهازيج والأغاني والتسميات الطريفة والنكات جعلت من هذا التراث بحق يليق بأقدم عاصمة في العالم.
ونجد ضمن هذا الكم الهائل من التراث الدمشقي معتقدات شعبية دخلت إليها الطرافة والأسطورة لكنها ظلت جزءاً من تراث أبناء الشام لقرون حتى دخلت الحداثة إلى مسيرة المدينة وزالت عن أبنائها هذه المعتقدات لتنتقل إلى صفحات التاريخ بعد أن كانت واقعاً يومياً في حياة الدمشقيين.
ويرى الباحث والأديب تميم مأمون مردم بك أن مجمل المعتقدات التي توارثها الدمشقيون اتسمت بالطرافة لأنها كانت تميل إلى اللاواقعية غير أنها كانت تنظم حياة الناس فيما بينهم في إيقاع وبعد تراثي شعبي نابع من وجدان وثقافة من سبق من الأجداد.
ويوضح مردم بك أن طريقة نقل هذه المعتقدات كانت مشافهة عبر ترديد ما يقوله الكبار و لاسيما أن الأسرة الدمشقية كانت تعيش في دار واحدة تضم الجد والأولاد والأحفاد وزوجاتهم وكانوا يعيشون حياتهم في تالف وتضامن وينقلون أفكارهم وتصوراتهم من الكبير إلى الصغير دون تكلف.
ويسرد مردم بك بعضا من هذه المعتقدات الطريفة كأن يمنع ترك المقص مفتوحا حتى لا يتشاجر أهل البيت ويمنع ترك الخف المنزلي داخل البيت مقلوبا لأن الشجار حينها سيكون على أشده موضحا أنه من المعتقدات الطريفة أيضا أنه إذا ناول أحدهم صابونة لآخر يدا بيد فهذا يعني انهما سيختلفان وأما إذا وضعها جانبا والتقطها الآخر على ظهر كفه فلا مانع من ذلك.
ويروي مردم بك خرافات تتعلق بالتشاؤم والتفاؤل عند الدمشقيين كوضع فردة حذاء فوق الآخرى ما يدل على أن صاحبها سيسافر أما إذا حك انسان كفه الأيمن فذلك يشير إلى أنه سيقبض نقودا وإذا حك الأيسر فذلك يعني أنه سيدفع نقودا أما إذا حكه حاجبه فسوف يسلم على شخص جاء من سفر طويل وإذا رفت عينه اليمنى فسيسمع خبرا حسنا وإذا رفت اليسرى فسيسمع خبرا سيئا.
ويبين أن الدمشقيين كانوا يتشاءمون من كسر المرآة واطار الصور كما كانوا يجلبون معهم إلى البيوت أو المحال الجديدة مرآة وعرقا أخضر ومصحفا من باب التفاؤل وكانوا إذا ملوا من زيارة ضيف ثقيل يشبكون دبوسا في المقشة وإذا لم يرغبوا بعودة زائر ما فانهم يكسرون وراءه جرة أو يسفحون ماء بعد خروجه.
ويتحدث مردم بك عن دفتر النسوان الذي كان شائعا بين عامة الناس في دمشق لغاية أربعينيات القرن الماضي وكيف كانت النساء مقبلات عليه ويصنفن أنفسهن بمقدار حفظه فهنالك الحجة والعمدة والحافظة والعاملة بأحكامه الموروثة عن الأمهات ولهذا سمي بدفتر النسوان.
ويشرح معتقدات الدمشقيين فيما يتعلق بساعات النهار وكيف كانوا يتفاءلون بساعات الصباح ويقولون الصباح رباح بمعنى أن من بدأ عمله في الصباح ربح ويقولون صابح القوم ولا تماسيهم يعني إذا ذهبت إلى قوم في حاجة فليكن ذلك في الصباح لا المساء لافتا إلى أن الدمشقيين كانوا لايفضلون النوم بعد العصر لأنه يورث الخبل حسب معتقداتهم كما أن شمس بعد العصر بزعمهم أشد حرارة وأكثر ضررا والتعرض لها مضر بالصحة.
ويشير إلى أن ساعة الغروب في عرف أهل الشام كانت لايقاد الأضواء وانتظار الزوار لأن الزائر عند المغرب لابد له أن يتعشى مع صاحب الدار ويقال له إذا أراد الانصراف قبل تناول طعام العشاء ضيف المسا أما بياتة أو عشا.
ويروي مردم بك بعضا من معتقدات الدمشقيين فيما يتعلق بالأيام حيث كانوا يفضلون يوم الجمعة فيغتسلون فيه ويتبادلون الزيارة ويتنزهون ويقيمون الأعراس ويحضرون صلاة الجمعة في المسجد الأموي الكبير مبينا أن يوم السبت كان غير مستحب عندهم ويخشون فيه كثيرا على المرضى ويتشاءمون ممن مات فيه لأنه حسب زعمهم سيلحق به ميت آخر من أقاربه.
ومن طرائف معتقدات الدمشقيين في الأيام أنهم كانوا يكرهون تفصيل الثياب يوم الثلاثاء ويقولون الثلاثاء وراثة أي أن من فصل ثوبه يوم الثلاثاء لا يلبسه طويلا بل يموت ويرثه غيره ويلبسه كما كانوا يبغضون يوم الأربعاء فلا يعودون فيه المرضى ولا يسالون أقاربهم عن أحوال مرضاهم ويعدونه من عصر يوم الثلاثاء فيقولون دخلت الاربعاء إلى عصر يوم الأربعاء فيقولون مضت الأربعاء كما كانوا يفضلون أيام الاثنين والخميس ويعتبرونها أياما مباركة.
ويعتقد مردم بك أن البعض من أبناء دمشق مازالوا يعملون بهذه المعتقدات معتبرين أياها جزءا من تقاليدهم اليومية وتراثا من ذاكرة أجدادهم التي لا يرغبون بنسيانها وأن كان الجيل الجديد بدأ يسخر منها ويعتبرها بالية لكن عندما يكبر سيعود للاخذ بها لا شعوريا لأنها تذكره بما كان عليه أباؤه.
سامر الشغري-فداء حوراني



  عدد المشاهدات: 866

إرسال لصديق

طباعة
شارك برأيك

الاشتراك بالقوائم البريدية
البريدالإلكتروني: