الأمل بالعمل



الأكثر زيارة
 الصفحة الرئيسية   ثقافة و فن   

سوريا مهد الحضارة – محافظة اللاذقية ... بقلم : يونس أحمد الناصر
April 09, 2013 12:33

سوريا مهد الحضارة – محافظة اللاذقية ... بقلم : يونس أحمد الناصر
=============================

سوريا تاريخ حافل بكل ما يدهش العقل من الآثار التي تركها السابقون وعطاء قدمه الحاليون فلكل إنسان في العالم وطنان وطنه وسورية حسب وصف أحدهم للغنى التاريخي الذي تدخره سوريا بين جنباتها

واليوم وفي إضاءة على مدينة اللاذقية هذه المدينة الساحرة سنقدم غيض من فيض ما تضمه هذه المدينة الجميلة

اللاذقية في التاريخ :

في القرن الرابع عشر قبل الميلاد كانت قرية صغيرة تابعة لمملكة أوغاريت وكان اسمها راميتا في العصر الكنعاني

أقدم اسم حملته اللاذقية هو راميتا المحرف من أصله الكنعاني ياريموتا حوالي 1500 ق. م وكانت قرية صيادين تتبع مملكة أوغاريت ( رأس شمرا حاليا ) وموقع راميتا كان يمتد ما بين المرفأ الحالي وتل الطابيات حملت بعد راميتا اسم مزبدا الذي له غالبا علاقة بزبد البحر أسماها اليونانيون لوكه أكته وهو باللغة اليونانية يعني (( الشاطيء الأبيض)) وهو على ما يبدو الاسم الذي كان يطلقه عليها البحارة الأجانب.

وتشهد اللقى الفخارية على اتصال كان قائماً بينها وبين قبرص والعالم الإيجي في عصر البرونز الحديث وفي العصر الحديدي...ولكن جميع هذه الأسماء اندثرت حيث نرى الآشوريين يعودون ليطلقوا على اللاذقية بعد أن أخضعوها وحولوها إلى جزء من بلادهم عام 1000 ق.م اسم ( راميتا ) وكذلك فعل الكلدانيون عندما حكموها عام 604ق. م

مع سقوط بابل والدولة الكلدانية عام 539 ق.م أصبحت اللاذقية جزء من الولاية الفارسية الخامسة المسماة (عبار نهرا )أي عبر نهر الفرات وبقيت اللاذقية تحمل اسم راميتا حتى قدوم الاسكندر المقدوني في العصر الهلينستي السلوقي: لاوديسيا- لاوذكية:

حوالي 300ق.م أصبحت سورية من نصيب سلوقوس الأول نيكاتور بعد وفاة الاسكندر الأكبر, وفي هذه الفترة بنى حوالي ستين مدينة أهمها مدينة على العاصي سماها(إنطاكية) تيمناً باسم أبيه, وثانية على دجلة سماها (سلوقية)على اسمه, ومدينة على الشاطئ السوري سماها (لاوديسيا) على اسم أمه إذ عرفت كذلك باسم (لاوذكية), كما بنى نيكاتور (آفاميا) تخليداً لزوجته.

ويظهر أن اللاذقية كانت منذ البداية إحدى المدن السلوقية الهامة والمزدهرة.

ونراها في القرن الثاني قبل الميلاد تصدر نقوداً باسمها, وفي هذه النقود كما في الأوزان المعدنية التي كانت تصنعها نجدها تلقب باسم ( لاوذكية التي على البحر) لتتميز عن ثماني مدن أخرى كانت تحمل اسم "لاوذكية".

كما تشهد نقود دام استعمالها من سنة 149 ق.م حتى سنة 128ق.م

على أن (لاوذكية) ألفت مع إنطاكية وسلوقية وآفاميا نوعاً من الاتحاد أطلق عليه لقب (الشقيقات الأربع) وصارت هذه المدن تصدر عملة موحدة دام العصر الهلينستي في سوريا ما يقارب القرنين والنصف , وفي أواخر هذا العصر عمت الفوضى سوريا وأصبحت سلطة السلالة السلوقية شكلية فاغتنم هذه الفرصة ملك الأرمن دكران واستولى على قسم كبير من البلاد وحكمها طوال أربعة عشرة عاما ويبدو انه هو الذي جعل من لاوذكية المرفأ الرئيس لسوريا الشمالية .

العصر الروماني:

في منتصف القرن الأول قبل الميلاد أصبحت المدينة تابعة إلى الإمبراطورية الرومانية حيث تأثرت بكل الاضطرابات والنزاعات على السلطة بين القادة الرومان وخاصة بعد مقتل يوليوس قيصر الذي سبق إن منحها 47 ق.م بعض الامتيازات لوقوفها بجانبه ضد خصومه

وأحد خصومه والذين شاركوا في مقتله كاسيوس والذي نشب نزاع شديد في نهاية 44 ق.م بينه وبين دولابيلا , فبينما خضعت سوريا بمعظمها إلى كاسيوس انحاز أهالي لاوذكية إلى دولابيلا الذي لجأ إليها بعد استولى خصومه على بقية البلاد , حاصر كاسيوس لاوذكية برا ً وبحرا ً ودام الحصار حتى صيف 43 ق.م عرف السكان خلاله المجاعة , وعلى أثر خيانة بعض معاونيه انتحر دولابيلا واستسلمت المدينة , فدخلتها جيوش كاسيوس ونهبتها انتقاما ً من أهلها ودمرت أحياء بكاملها . بعد ذلك عهدت الحكومة الثلاثية في روما إلى ماركو انطونيو بشؤون الشرق الأوسط ومطاردة كل الذين اشتركوا في مقتل يوليوس قيصر وهكذا أخذ يحارب كاسيوس وتمكن في سنة 40 ق.م من الاستيلاء على لاوذكية وتقديراً لموقف أهالي لاوذكية أعلنها مدينة حرة وأعفاها من الضرائب وفي 34 ق. م أقام فيها فترة من الزمن للاستجمام وخلال هذه الفترة تم جر مياه نبع العيدو إلى لاوذكية بقناة مبنية من الحجر لا تزال بعض بقاياها ظاهرة , إلى أن دخلها مارك أنطونيو, ثم زارها الإمبراطور أوكتافيان في عام 20 ق.م فعرفت الكثير من الازدهار الاقتصادي والعمراني لتشير المصادر إلى حوادث تذكر بالنسبة للاوذكية خلال القرن الأول ومعظم القرن الثاني الميلادي , كل ما نعرفه أنها كانت تصدر بدون انقطاع نقوداً مصنوعة من الفضة أو من البرونز تحمل اسمها واسم احد الأباطرة الذين تعاقبوا على عرش روما...في عام 194 نشب نزاع شديد على عرش روما بين بسينيوس نيجر وقائد اسمه سبتموس سفيروس وقد انحازت لاوذكية ل سفيريوس إلا أن منافسه احتلها وخربها , وبعد أن انتصر سفيروس عليه أراد أن يكافئ المدينة على موقفها فمنحها شرف المتروبولس (أي المدينة الرئيسية ) والامتيازات التي للمدن الرومانية ومنحها أيضا (( هبة سنوية )) من الحنطة كما أعاد بناءها وأمر بتجميلها فوسعت شوارعها وصار لها شارعان رئيسان ومن الأرجح أن القوس الكبير الذي يزين نهاية احد الشوارع والذي لا يزال قائما يعود إلى هذه الفترة قوس النصر ( في حي الصليبة )

العصر البيزنطي:

بدأ العصر البيزنطي عام 395 عندما انقسمت الإمبراطورية الرومانية إلى شطرين وأصبحت بيزنطة ( استنبول حالياً ) عاصمة الشطر الشرقي منها. أما لاوذكية فكانت حسب التقسيمات الإدارية التي أجريت, ضمن مقاطعة أطلق عليها اسم " سورية الأولى " عاصمتها إنطاكية.

كانت سورية في ظل الدولة البيزنطية بلاد مسيحية بوجه عام تسيطر عليها الصفة الدينية وفي هذا العهد وقع زلزال كبير دمر معظم المدينة وذلك في 2 كانون الثاني 529 م وسبب مقتل سبعة آلاف وخمسمائة نسمة. ولمساعدتها أمر الإمبراطور يوستنيان بإعادة بناء الأحياء المتضررة وأعفى المدينة من الضرائب لمدة ثلاث سنوات كما أحدث مقاطعة جديدة جعل من لاوذكية عاصمتها والحق بها الساحل حتى بانياس, وأطلق على هذه المقاطعة اسم " ولاية تيودوريادس " تيمناً باسم الإمبراطورة تيدورا.

ويرجح انه في القرن السادس بني في الطرف الشمالي من لاوذكية دير الفاروس الذي عرف فيما بعد شهرة واسعة.

العصر العربي:

هزم العرب البيزنطيين في معركة اليرموك الشهيرة في عهد عمر بن الخطاب في 636 ميلادي وبدأ الفتح العربي على سوريا وفتح مدينة اللاذقية في عام ( 637) ميلادي من قبل حاكم حمص عبيدة بن الصامت الأنصاري بتكليف من أبي عبيدة بن الجّراح ثم قسمت سوريا إلى أربع أجناد وهي جند دمشق وجند حمص وجند الأردن وجند فلسطين فأصبحت اللاذقية تابعة لجند حمص .

عندئذ أخذت المدينة قالبها العربي متحولا من لاوذكية إلى لاذقيّة, ثم أصبحت تلقب بلاذقية العرب لتمّيز عن المدن الأخرى التي تحمل الاسم نفسه والتي كانت لا تزال في مناطق يحكمها البيزنطيون.

في عام 718 أغار البيزنطيون على اللاذقية من البحر وألحقوا بها الدمار, فأمر الخليفة عمر بن عبد العزيز بإعادة بناء ما تهدم وبتحصين المدينة وتتابعت هذه الأعمال في عهد خلفه يزيد بن عبد الملك, في سنة 859 تعرضت اللاذقية إلى هزة أرضية عنيفة هدمت معظم أبنيتها وأودت بعدد كبير من الضحايا فأمر الخليفة المتوكل بدفع تعويضات إلى المتضررين.

في سنة 863 تولى على اللاذقية يوسف بن إبراهيم التنوخي وفي سنة 933 لما جاء المتنبي إلى اللاذقية كانت لا تزال في إمرة أسرة التنوخيين كما يتبين من قصائده التي نظمها في أثناء إقامته فيها .

بدأ حكم الحمدانيين في حلب سنة 944 وشملت سلطة سيف الدولة سورية الشمالية بما فيها اللاذقية التي أصبحت تابعة إلى حلب

وفي عام 968 هاجم الإمبراطور البيزنطي نقفور الدولة الحمدانية وعند احتلاله الساحل استولى على اللاذقية التي أضحت من جديد تحت السلطة البيزنطية.

لا نعرف بالضبط في أي تاريخ زار أبو العلاء المعري اللاذقية وأقام فيها فترة من الزمن رغم إن أكثر من مؤرخ أتى على ذكر هذه الزيارة. كل ما نعلم إنها جرت ما بين عام 988 وعام 1008 وقد حلّ وقتئذ ضيفاَ على رهبان دير الفاروس ويبدو انه اطلع فيه على الفلسفة اليونانية.

وقبيل الحروب الصليبية تبعت اللاذقية لفترة قصيرة أمراء بني منقذ أسياد شيزر الذين سلموها بدورهم إلى السلطان السلجوقي مالك شاه عام 1086 وبقيت في أيدي السلجوقيين حتى قدوم الفرنج.

الحروب الصليبية( 1097 – 1287):

في شهر آب سنة 1097 حاول الفرنج الاستيلاء على اللاذقية أكثر من مرة فكانوا مرة يهاجمونها ومرة أخرى يحاصرونها وأحيانا يحتلونها بصورة مؤقتة أو يستعملون مرفأها. فخلال هذه المرحلة المضطربة من تاريخ الساحل السوري كانت اللاذقية مسرحاَ لتنازع الصليبيين والبيزنطيين الذين تمكنوا هم أيضا من بسط سلطتهم عليها, لم يتمركز الصليبيون في اللاذقية إلا في سنة 1108 عندما استولى عليها أمير إنطاكية تانكريد, فضمها إلى إمارته التي كانت تمتد من خليج الاسكندرون حتى قلعة المرقب. وقد أطلق الفرنج على اللاذقية اسم لاليش.

في عام 1136 أغار بصورة مفاجئة على اللاذقية جيش أمير حلب اتابك زنكي بقيادة الأمير سيف الدين أسوار وكان يتألف من ثلاثة آلاف جندي, فباغتوا الفرنج واسروا منهم سبعة آلاف شخص وغنموا عددا كبيرا من الغنائم وعادوا بهم إلى حلب, وفي كل من عام 1157 وعام 1170 حدث زلزال كبير جداً في سورية الشمالية ألحق أضرارا جسيمة في اللاذقية وغيرها من المدن,

دخل السلطان صلاح الدين الأيوبي سورية سنة 1188 ليحررها من الصليبين, لقد وصل أمام اللاذقية في 20 تموز عند الغروب فأحكم الحصار عليها, وفي اليوم التالي بدأ هجومه على القلعتين إلى أن استسلمت الحامية الموجودة فيهما مساء 22 تموز, وبعد ذلك توجه السلطان نحو المدينة فاستكمل فتحها في 23 تموز 1188, وقد سببت المعارك التي دارت آنذاك بعض الأضرار بالمباني.

وفي اليوم التالي تابع مسيره قاصدا قلعة صهيون. وسلم اللاذقية إلى ابن أخيه المالك مظفر تقي الدين الذي أعاد بناء ما هدم منها وحصن قلعتيها , بعد وفاة صلاح الدين أصبحت اللاذقية تابعة إلى ابنه الثالث الملك الظاهر عام 1197 الذي كان يحكم حلب وقد تم بأمره بناء مئذنة الجامع الكبير في اللاذقية كما يتبين من كتابة مؤرخة في عام 1211 ولا تزال موجودة على جدار واجهته عند المدخل

عصر المماليك: ( 1287 – 1516 ):

تعتبر معركة عين جالوت, التي دارت في 30 أيلول 1260 وانتصر فيها المماليك على المغول بداية العصر المملوكي في سورية غير أن الصليبيين ظلوا متمركزين بعدها في قسم كبير من الساحل ولاسيما في اللاذقية فأخذ المماليك على يد السلطان بيبرس ثم في عهد السلطان قلاوون يطردونهم من موقع إلى آخر.

في 22 آذار 1287 حدث زلزال عنيف في اللاذقية ألحق أضرارا في بعض أحيائها وفي تحصينات المرفأ ولاسيما في البرج الكبير, فأغتنم السلطان قلاوون هذه الفرصة ليهاجم اللاذقية وقاد الحملة الأمير حسام الدين طرنطاي الذي استولى على المدينة بعد أن حاصرها,

بتاريخ 20 نيسان 1287 قسمت سورية في عصر المماليك إلى مقاطعات ونيابات, فألحقت اللاذقية بنيابة طرابلس التي أحدثت عام 1289,

كان الفرنج في هذه الفترة لا يزالون في جزيرة قبرص حيث أسسوا مملكة صليبية , وفي عام 1363 نظموا هجوماً على الساحل السوري, فقاموا بإنزال على اللاذقية واحرقوها. وعندما زارها سنة 1477 السلطان الأشر ف أبو النصر قايتباي رأى إن بعض أبنيتها ولاسيما الدكاكين لا تزال متهدمة, كما شاهد فيها حمامات ومطحنة هوائية, وكان المرفأ يتسع آنذاك داخل السلسلة إلى سبع سفن , في 24 آب 1516 دارت معركة مرج دابق التي تغلب فيها السلطان سليم الأول على المماليك فأصبحت سورية جزءا من الدولة العثمانية .

العصر العثماني: ( 1516 – 1918 ):

في القرن السادس عشر قسمت سورية إلى ثلاث ولايات هي حلب ودمشق وطرابلس , تتألف كل منها من عدة سناجق , فأصبحت اللاذقية سنجقا تابعة لولاية طرابلس .

في عام 1693 قام حاكم اللاذقية وهو من أسرة المطرجي بإصلاح أبنية المدينة وأعاد شيء من رونقها وازدهارها ويستدل من مؤلفات الرحالة الأجانب الذين زاروا اللاذقية إنها عرفت في أواخر القرن السابع عشر تطورا اقتصاديا ملموسا بسبب تصديرها التبغ إلى الخارج وبنوع خاص إلى دمياط في مصر. إن التبغ المعروف باسم " الدخان أبو ريحة " الذي اشتهرت به اللاذقية زمناً طويلا قد ظهر إلى الوجود عام 1744, في تلك السنة قام أهالي الجبل بعصيان ضد الحكومة في اللاذقية, لذلك لم يتمكنوا من بيع محصولهم من التبغ إلى تجار المدينة فعلقوه في سقوف بيوتهم. ولما جاء الشتاء واخذوا يوقدون النار للتدفئة التصق دخانها بالتبغ المعلق فاسود لونه. وفي السنة التالية أصلحوا أمورهم مع الحكومة وباعوا التبغ الأسود إلى تجار اللاذقية الذين أرسلوه كعادتهم إلى دمياط, وهناك أحب الناس الرائحة التي اكتسبها التبغ من الدخان فطلبوا من تجار اللاذقية أن يصدروا لهم دائما هذا الصنف ومنذ ذلك اليوم راجت سوقه في الخارج وذاع صيته في كل مكان وهو يعرف حاليا في أوربا وأمريكا باسم " تبغ اللاذقية " في أواخر القرن الثامن عشر ألف تجار اللاذقية شركة أسموها " شركة تجار التبغ" وكان مقرها ومركز تخزين بضائعها في بناء كبير قريب من البحر عرف باسم " خان الدخان " وهو حاليا مقر متحف اللاذقية, ويقول احد الرحالة الفرنسيين, وكان قد زار اللاذقية عام 1784 إن المدينة تقوم بتجارة واسعة يتألف معظمها من التبغ, في الساعة الثالثة من بعد ظهر يوم 29 نيسان 1796 حدث زلزال هائل جدا في اللاذقية هدم معظم أبنيتها وقد تضرر بنوع خاص القسم الذي يمتد من منتصف المدينة حتى البحر,كما وضرب زلزال أخر المدينة عام 1822 ألحقت أضرارا في أبنيتها وقد هدم الزلزال جزءا من برج المرفأ فتراكمت أنقاضه عند المدخل وأصبح ضيقا وعسيرا على دخول وخروج السفن.

في مطلع القرن التاسع عشر عاش في اللاذقية الشيخ محمد المغربي وتوفي فيها عام 1828 ودفن فيها وأقيم فوق قبره الجامع الذي يحمل اليوم اسمه.

أثر حملة إبراهيم باشا على سورية بقيت اللاذقية تحت حكم المصريين من سنة 1832 حتى سنة 1840. وعلى اثر تعديل تم سنة 1843 في النظام الإداري تحولت الحكومة في اللاذقية إلى قائمقامية على رأسها قائمقام وبقيت تابعة لطرابلس وفي سنة 1848 انتشر وباء الكوليرا في المدينة لمدة ثلاث اشهر ومن مصدر يعود إلى سنة 1861 يتبين إن المرفأ كان مرتبطاً بخطوط بحرية شبه دورية مع عدد من موانئ شرقي البحر المتوسط ( الساحل السوري الفلسطيني, الإسكندرية , رودوس , أزمير , مرسين , قبرص ) وفي سنة 1863 تم ربط اللاذقية بسلك التلغراف مع الآستانة وبغداد عن طريق حلب .

أوفدت حكومة الولاية إلى اللاذقية عام 1866 موظفين كلفوا بإحصاء عدد سكانها ومسقفاتها لترتيب رسم التمتع على الأهالي وتبين من هذا الإحصاء إن عدد سكان المدينة في تلك السنة بلغ 11200 نسمة وانه كان يوجد فيها 1363 بيتا للسكن و 828 دكانا ومخزنا.

في عام 1879 عين مدحت باشا واليا على سورية فأراد بعض أهالي اللاذقية إن يثيروا من جديد موضوع رفع المدينة إلى رتبة مركز متصرفية, فقدموا له مذكرة بهذه الخصوص وفي أوائل حزيران من العام نفسه وصل إلى اللاذقية نبأ موافقة السلطة العثمانية.

ألحقت متصرفية اللاذقية عام 1893 بولاية بيروت وفي هذا الفترة بلغ عدد السكان 22000 نسمة, وفي عام 1905 قام متصرف اللاذقية شكري باشا بأعمال تنظيمية هامة.

كان الأتراك لا يزالون في اللاذقية عندما بدأت فرنسا وإنكلترا فيما بينهما المفاوضات حول المناطق التي ستخرجان منها الأتراك وبموجب معاهدة سيكس – بيكو المعقودة سراً في أيار 1916 أصبح الساحل السوري ضمن المنطقة المخصصة للفرنسيين وقد غادر أخر الموظفين الأتراك في 9 تشرين الأول 1918

الانتداب الفرنسي ( 1918 – 1943 ) :

على اثر خروج الأتراك من اللاذقية اجتمع بعض وجوه المدينة في السرايا وألفوا حكومة مؤقتة أعلنت إنها تابعة للحكومة التي يرأسها الأمير فيصل. غير أن فرنسا, كلّفت الضابط دي لاروش باحتلال الساحل السوري وقد وصل هذا الضابط إلى اللاذقية على ظهر بارجة بتاريخ 5 تشرين الثاني 1918 واستلم منصبه حاكما للمنطقة

اللاذقية اليوم:

هي ميناء سورية الرئيسي على البحر الأبيض المتوسط . كانت منذ أقدم العصور مرفأ هاماً وهي إحدى خمس مدن أنشأها (سلوقوس نيكاتور) في القرن الثاني قبل الميلاد وأطلق عليها اسم والدته (لاوديسيا). ولكن بقايا القرون الماضية قليلة في المدينة ذاتها، ولم يبق إلى جزء من صرح روماني كبير في جنوبها يرقى إلى سبتيموس سيفيروس (أربعة أعمدة وقوس). وهناك مبنى عثماني جميل كان يطلق عليه (خان الدخان) وتحول اليوم إلى واحد من أهم المتاحف السورية.

وبالإضافة إلى أهمية المدينة الاقتصادية كرئة حيوية لسورية، فإن اللاذقية تلعب دوراً سياحياً ممتازاً ونشيطاً فهي منتجع خلاب للنزهة والاستجمام والسباحة كما تعتبر منطلقاً للرحلات عبر سورية الساحلية سواء على الشواطئ أو في الجبال الخضراء التي تزنر الشاطئ السوري

وتتجلى اللاذقية عروس الساحل السوري بمهرجان المحبة الذي يقام ما بين الثاني والثاني عشر من شهر آب في كل عام. وتجذب هذه التظاهرة الثقافية والرياضية والفنية العديد من السياح العرب والأجانبب

جبال اللاذقية " الجبال الساحلية ":

يطلق اسم جبال الساحل السوري" " على سلسلة الجبال الخضراء في سوريا والمغطاة بالأحراج وغابات السنديان ومدرجات الزيتون والتفاحيات والممتدة على محاذاة الشاطئ السوري من رأس البسيط شمالا حتى نهر الكبير الجنوبي جنوبًا

سكن الإنسان هذه المنطقة منذ أقدم العقود، ولا تزال الآثار في العديد من مناطقها شاهدا حيا على عراقة هذه المنطقة في سوريا وحضورها وتميزها منذ أقدم العصور ولا يزال الكثير من معالمها الطبيعية وثرواتها التاريخية بكرا , مع الأخذ بعين الاعتبار إن الحفريات الناتجة عن التوسع العمراني فيها تعطي كل يوم شيئا جديدا عن تاريخ المنطقة وتعاقب الحضارات المختلفة فيها منذ أقدم العصور , فالفينيقيون سكنوها قبل آلاف السنيين واستخدموا خشب غاباتها لصناعة سفنهم التي حملت حضارتهم إلى العالم القديم.

تمتد جبال الساحل السوري على مسافة 170 كم وبعرض يتراوح بين 25-30 كم تغطيها الخضرة والغابات الرائعة , تتناثر على ذراها وهضابها قرى السياحة والاصطياف الجميلة ذات الهواء المنعش والمناظر الخلابة الساحرة ، إضافة إلى العديد من الأماكن التاريخية و القلاع القديمة الشهيرة التي تشهد على إستراتيجية موقعها وعراقة أهلها عبر العصور, تنحدر تلالها وسفوحها التي تغطيها الغابات نحو البحر وتنخفض كلما اقتربنا منه حتى تكاد تلامس مياهه في بعض المواقع كالبسيط وبانياس وأم الطيور وغيرها , ويتباين ارتفاع تلك الجبال ليتجاوز 1500 مترا في محطة البث / منطقة صلنفة - جبل متى.(

الساحل السوري وجباله ومصايفه ... جنة الله على الأرض:

تتألف منطقة الساحل السوري من شواطئ طويلة ومن جبال خضراء، فهذه الجبال المغطاة بالأحراش تحيط الشواطئ وتنحدر تلالها وسفوحها نحو البحر حتى تلامس مياهه بأشجار صنوبرها وسنديانها فلا يعرف المرء أين ينتهي الجبل وأين يبدأ البحر.

ويتكرر هذا المشهد على طول الشاطئ السوري من رأس البسيط شمالاً حتى طرطوس جنوباً.

أما الجبال فتتناثر على ذراها وهضابها قرى الاصطياف الجميلة ذات الهواء المنعش والمناظر الخلابة، بالإضافة إلى العديد من الأماكن التاريخية والقلاع القديمة الشهيرة.

ولعله من العسير أن يعثر المرء على مكان في العالم له، ما للساحل السوري من طبيعة فاتنة الحسن رائعة الجمال وفيه ما فيه من آثار- أن لم نقل أنها تاريخ بحد ذاته - فهي سفر من التاريخ الكبير يضم بين دفتيه حكايات سيرة التطور الحضاري على مر العصور

مدن الساحل السوري :
========================

جبلة:

مدينة جميلة تقع على بعد 29كم جنوبي اللاذقية وهي مرفأ قديم وتضم مسرحا رومانيا هاماً يتسع لسبعة آلاف متفرج ، بالإضافة إلى جامع السلطان إبراهيم أبن الأدهم وجامع المنصوري والحمامات القديمة والتي يعود تاريخ بنائها إلى 900- 1200عام خلت ، في الفترة الأخيرة تم اعتماد مدينة جبلة من هيئة الأمم المتحدة كمدينة أثرية وبلدية جبلة تحصل على معونة سنوية من هيئة الأمم لتطوير الآثار وتطوير المدينة ككل .

صلنفة:

مدينة جميلة أخرى تقع على بعد 50كم شرق اللاذقية وعلى ارتفاع 1200م عن سطح البحر.

كسب:

لؤلؤة أخرى تزين جيد الساحل السوري تقع على بعد 65كم شمال اللاذقية وسط غابات الأقرع وعلى ارتفاع 800م عن البحر الذي يرى منها.

رأس البسيط:

يقع على بعد 40كم شمال اللاذقية ويعتبر من أجمل المشاهد الساحلية على البحر الأبيض المتوسط . خليج واسع هادئ ذو زرقة لازوردية صافية ورمال نظيفة سوداء تحيط به الجبال والتلال الخضراء وتتناثر في ظل أحراجه الشاليهات والمخيمات والمطاعم التي تكمل مع مقاهي البحر رونق هذا الإطار الطبيعي الخلاب.

قلعة صلاح الدين الأيوبي:

تقع على بعد 35كم شرقي اللاذقية وترتفع 410م عن سطح البحر. وكانت تعتبر من أكثر حصون الغزو الصليبي مناعة وكانت توصف دائماً بأنها القلعة التي لا تقهر. فهندستها هي من أروع الهندسات العسكرية وأشدها فعالية، وهي قائمة على نتوء صخري شاهق ذي منحدرات عامودية وتحميها خنادق طبيعية عميقة ووعرة ورغم هذه المناعة الهائلة فقد تمكن البطل صلاح الدين الأيوبي من انتزاع القلعة خلال يوم واحد عام 1188، وكان الاستيلاء عليها نموذجاً نادراً للعبقرية والاستبسال.

و قد أنجبت هذه المدينة القادة الأبطال كعز الدين القسام وجول جمال وحافظ الأسد وحبيبنا السيد الرئيس بشار الأسد

ماض مجيد وحاضر مشرق هو ما يمكن أن نصف به مدينة اللاذقية هذا الجزء الغالي من وطننا الحبيب سوريا مهد الحضارة

والى اللقاء بإضاءة جديدة على جزء آخر من سوريا الحبيبة



  عدد المشاهدات: 970

إرسال لصديق

طباعة
شارك برأيك

الاشتراك بالقوائم البريدية
البريدالإلكتروني: