January 15, 2021 08:50

إطلالة على سورية الحضارة و التاريخ

موقع إعادة الإعمار التشيكي يواصل نشر ملفاته عن سورية الحضارة و التاريخ و في جديده ملف بعنوان : إطلالة على سورية الحضارة و التاريخ
أعده مراسلهم في سورية الزميل يونس أحمد الناصر
أندريه بارو لم يكن مخطئاً عندما قال : كل إنسان متحضر في العالم عليه(( أن يُقِر )) بأنه له وطنان … ذلك الذي يعيش فيه… و سورية
أندريه بارو André Parrot عالم آثار فرنسي ( 1901 – 1980)
و هو أول مدير لمتحف اللوفر من 1968 حتى 1972 و له العديد من الأبحاث والكتب أهمها “سومر” (1960)، الفن السومري (1970)، حفريات مملكة ماري – كنوز أور (1968)
تقع الجمهورية العربية السورية على الجناح الغربي للهلال الخصيب في موقع هام بين الشرق والغرب.
و بهذا فإن أرض سورية الحالية قد شهدت بعضًا من أقدم و أهم الحضارات على وجه المعمورة، كما دلت على ذلك الاكتشافات الأثرية الهائلة التي يعود بعضها إلى ما يزيد عن ثمانية آلاف عام قبل الميلاد.
لا تكاد تخلو منطقة من مناطق سورية من المواقع الأثرية التي تعود إلى فترات زمنية مختلفة و التي يزيد عددها على 4500 موقع أثري هام.
للحديث عن هذا التاريخ الغني التقى مراسل موقع rebuildsyria.cz‎ ‏بالأستاذ محمد نظير عوض المدير العام للمديرية العامة للآثار و المتاحف بمكتبه في المتحف الوطني بدمشق
السؤال الأول : حبذا لو تحدثنا بدايةً عن الحضارات التي تعاقبت على الأرض السورية و المكتشفات الأثرية .
الجواب : المعروف عن سورية عمقها الحضاري و موقعها الجغرافي في قلب العالم القديم و كما يصفها البعض بـ( أيقونة الشرق ) و البعض من الجغرافيين يصفها بـ( بلد العبور) و المكان الذي انصهرت فيه الحضارات و ( البوتقة ) التي انصهرت فيها ثقافات و حضارات مختلفة و مرت على أرضها حضارات مختلفة
وسورية بلد يقال بأنه أكبر بلد صغير في العالم و ربما يعود هذا الشيء إلى ما يمتلكه هذا البلد من تراث مادي و لا مادي و سنتحدث عن الشق المادي بسبب غنى هذا البلد بالآثار و التراث الأثري المادي .
لدينا في سورية آثار تعود إلى كافة الحقب الزمنية و كافة العصور و هذه الآثار مهمة جداً
هناك مواقع كثيرة تنتشر على كل التراب السوري و لدينا دلائل مهمة جداً من العصر الحجري القديم و العصر الحجري الوسيط و أيضاً العصر الحجري النحاسي وصولاً للفترات اللاحقة ( الإغريقية و البيزنطية و الرومانية و الإسلامية)
ولدينا ممالك مهمة اكتشفت في تلال أثرية ( مملكة ايبلا و وماري و أوغاريت )
ولدينا حواضر إسلامية مهمة جداً لا تزال تحافظ على مكوناتها و نعني بها المدن الشهيرة كدمشق و حلب
يأتي إلى سورية الكثير من الباحثين , لأن سورية تعتبر( فردوس) في علم الآثار للاستكشاف و التنقيب في مواقع ما قبل التاريخ , و هناك بحوث أثرية نشرت منذ عام 1980 و حتى الآن تعنى بالنتائج الأثرية و قد نبهت الكثيرين ممن أرادوا زيارة هذا البلد الذي يمتلك إرثاً تاريخياً وحضارياً و إن أعمال الترميم و التنقيب التي جرت بين عامي 1970 حتى عام 2010 كالأعمال التي جرت في آفاميا و و دورا أوربوس و حلب و مدن أخرى كدمشق و حلب و مواقع أخرى كانت عامل جذب للسياحة لأنها أعادت لهذه المواقع ألقها فكانت عامل جذب للسياح من مختلف دول العالم وعلى اختلاف اختصاصاتهم و اختلاف ثقافاتهم
فدمشق مهمة جدا بالنسبة للسياح لارتباط تاريخها بالتاريخ المسيحي و الإسلامي و لاحتوائها على معالم مهمة جدا لارتباط تاريخها بالتاريخ المسيحي بما تمتلك من كنائس تليها مدينة حلب و تدمر و نشير هنا إلى أن تدمر كانت تستقبل أفواجاً كثيرة من الزوار و السياح و إن المسافر إلى تدمر مروراً بحمص في عام 2009 ( قبل الحرب ) كان يلاحظ أعداد كبيرة من الحافلات الذاهبة إلى تلك المدينة التي تمتلك متحفاً غنياً و آثاراً ساحرة .
البعثات الأثرية التي كانت تعمل في القطر وصل عددها إلى 150 بعثة ما بين بعثة أجنبية و بعثة مشتركة أو بعثة وطنية و البعثات الأجنبية و التي أصبحت بعثات مشتركة في غالب الأحيان في عام 2010 و كانت هذه البعثات تأتي من دول مختلفة و بأعداد كبيرة نذكر منها ( أمريكا – كندا – فرنسا – ألمانيا – هولندا –اليابان – الصين – روسيا ) .
بعثات دول مختلفة كانت تعمل هنا في مواقع مختلفة في تدمر و أماكن أخرى و هذه البعثات من جامعات و معاهد بحث يتم اختيارها و التعاقد معها لأن البعثات تأتي بعد عديد من الموافقات و الاجتماعات و يتم إبرام اتفاقية مع البعثة التي ستقوم بالمسح الأثري أو التنقيب أو أي عمل آخر يخص الآثار و يجب أن تكون البعثة من جامعة مرموقة أو مركز بحثي مرموق له قيمة تعنى بعملية النشر و لديها منهج علمي و لديها ملاءة مالية كافية لأن أعمال التنقيب تحتاج للكثير من الأموال و أيضا يجب أن تخضع هذه البعثة لمجموعة من الضوابط تتعلق بأعمال النشر و المعايير و غير ذلك لأن المواقع السورية مهمة و مواقع أثرية تستقطب الكثير من الباحثين .
بتابع السيد عوض قائلاً :
نحن لا نسمح لأحد بإجراء أعمال التنقيب و الدراسات إلا بموجب اتفاقية فيها الكثير من المواد التي تضبط هذا العمل لجهة المعايير التي تتعلق بالنشر و كيفية التنقيب و منهجية التنقيب و صيانة الموقع و المحافظة عليه و كيفية بدء التنقيب فيه و كيفية المغادرة.
و كان لدينا بعثات كثيرة على رأسها بعثات من إيطاليا نقبت في ماري و على رأسهم الخبير ” باولو ماتيه ” و أيضا من أمريكا و دول أخرى , فهناك الكثير من البعثات فأكثر من بعثة ألمانية و أكثر من بعثة فرنسية و هذه البعثات أصبحت مشتركة لأن المديرية العامة للآثار و المتاحف و بدعم حكومي طورت الأعمال و بالتالي أصبح لديها الكثير من الخبرات و الكثير من العاملين فأصبحت أكثر هذه البعثات هي بعثات مشتركة ( ألمانية – سورية ) ( فرنسية– سورية )
و هذا مهم جداً لإقحام العناصر و العاملين في المديرية العامة للآثار و المتاحف مع هذه البعثات , فالبعثات المشتركة كانت عمل استراتيجي وصلت إليه المديرية العامة للآثار و المتاحف بكفاءة حتى عام 2010 و هذا دليل على تنامي الخبرات لدى المديرية العامة للآثار و المتاحف لتستطيع مواكبة هذه البعثات في أكثر من موقع مهم جداً ليس على المستوى المحلي إنما على المستوى العالمي
فمملكة ماري و أوغاريت و عمريت و ايبلا كل هذه المواقع , صحيح كانت تعمل بها بعثات أجنبية لكن بمتابعة من المديرية العامة للآثار و المتاحف و هناك الكثير من الخبراء و علماء الآثار السوريين يعملون بكفاءة في هذه المواقع و منها تدمر و دورا أوربوس و بصرى الشام و الكثير من المواقع التي لا يتسع الوقت لذكرها , و تعلمون بأن سورية تزخر بالكثير من المواقع الأثرية التي تنتشر على كامل الجغرافيا السورية و التي كانت محط اهتمام الباحثين من أعمال تنقيب و دراسات و كشوفات و مسوحات و غير ذلك , و أعود لأؤكد أنها كانت فردوس للآثاريين الذين يعملون في هذا الحقل ( حقل الآثار) .
نتابع في الأجزاء القادمة الحديث مع السيد محمد نظير عوض المدير العام للمديرية العامة للآثار و المتاحف الحديث عن جهود الحكومة السورية لحماية الآثار و استرداد ما سرق منها و كذلك الحديث عن تضحيات العاملين في الآثار الذين دفعوا حياتهم لحماية هذه الآثار . 



شارك برأيك

الاشتراك بالقوائم البريدية
البريدالإلكتروني: