الصفحة الرئيسية   أخبار اليوم  

بانتظار أن تطول الكبار منهم… حديث غير تقليدي عن “الفساد” حملة الدكتور الحلقي ضد الترهّل محطّ رهان وترحيب والعبرة بالنتائج- – حسن النابلسي
December 21, 2015 11:57

بانتظار أن تطول الكبار منهم… حديث غير تقليدي عن “الفساد” حملة الدكتور الحلقي ضد الترهّل محطّ رهان وترحيب والعبرة بالنتائج-  – حسن النابلسي

كل الأخبار / البعث

بات الحديث عن الفساد وضرورة اجتثاث جذوره، وتفكيك منظومته، ومحاصرة رموزه…الخ هذه الجمل –في نظر الكثيرين ونعتقد أنهم محقّون في ذلك- مجرّد شعارات ليس إلا، وذلك لعدم ترجمة ما يصدر من تصريحات لمسؤولين، وما يُكتب ويُقال في الإعلام حول هذه الظاهرة على أرض الواقع..!.
لكن نعتقد أن الحديث هذه المرة له طعمٌ خاص مردّه الإعفاءات الأخيرة التي طالت مدير عام صندوق المعونة الاجتماعية، إضافة إلى عدد من مديري الفروع ورؤساء الدوائر، وبتوجيه مباشر من رئيس مجلس الوزراء، وذلك في إطار حملة يقودها لـ”مكافحة الترهّل والفساد في مؤسسات الدولة”.
قد يؤخذ على هذه الحملة اقتصارها على مسؤولي الصف الثاني والثالث دون الأول، علماً أن الدكتور وائل الحلقي سبق له أن أكد في أكثر من مناسبة أن هناك حملة ستطول مديرين عامين ومعاوني وزراء، إلا أننا نعتبرها أولى خطوات الألف ميل ونراهن على استمرار هذه الحملة عسى أن تطول جميع الفاسدين دون استثناء.
محاولة ولكن..!
حاولت “البعث” استطلاع آراء بعض التنفيذيين حول هذه الحملة وخاصة أنها لم تبدأ بكبار الموظفين، إلا أنهم اعتذروا عن الحديث، مفضّلين عدم استباق الأحداث، ومبدين ثقتهم الكبيرة برئيس الحكومة أنه لن يدّخر جهداً في هذا الاتجاه، غير أن أحدهم ويشغل منصب مدير عام اعتبر أن رؤساء البلديات ومديري المكاتب الفنية فيها هم أس الفساد في البلد، فهاتان الشخصيتان الاعتباريتان محطّ الاتهام بالتواطؤ المسبق للسماح بتمرير أية مخالفة وخاصة في أيام العطل والأعياد والظروف الاستثنائية التي تمر بها بلادنا، الأمر الذي ساهم على مدى عقود من الزمن في تعقيد حل مسألة السكن العشوائي، وباتت أشبه بسرطان متفشٍّ بجسم النسيج العمراني السوري على امتداد المحافظات والمدن والقرى…!.
دون وثائق..!
اللافت في هذا السياق هو تجاوب صغار الموظفين معنا أكثر من كبارهم، ونقصد بصغار الموظفين هنا رؤساء الأقسام ومديري الدوائر، فبمجرّد أن طرحنا مصطلح الفساد أمام معظمهم سارعوا إلى الحديث عن خفايا المؤسسات والوزارات التي يعملون فيها، ورغم عدم حوزتهم ما يؤكد كلامهم من وثائق ومستندات، إلا أنهم لم يتورّعوا عن سرد مواقف تثير الشبهات على حدّ زعمهم، وتتلخّص هذه المواقف بعدم الاعتماد على التوصيف الوظيفي الذي تفتقده معظم الوزارات والمؤسسات الحكومية، إضافة إلى الهدر الناتج عن العقود المبرمة مع جهات من القطاعين العام والخاص بتغطية قانونية تحت مسميات نفقات (الإعلان– فض العروض– الوقود..الخ) إضافة إلى نسبة العمولة غير المستهان بها، واعتبر هؤلاء الموظفون أنه رغم تأخر هذه الحملة إلا أنها ترعب المرتكبين.
مجرد طرح..!
لعل أبرز الأفكار المطروحة لتقليص حجم الفساد هو اعتماد ما يسمّى (الجزر المطهّرة)، أي أن يخصّص صندوق في المفاصل المالية الحساسة -على اعتبار أن المال هو الدافع الأكبر للفساد- توضع فيه نسبة من الأموال المحصّلة من العاملين فيها، بحيث توزّع عليهم بحصص مجزية كل حسب نشاطه ونزاهته ونظافة يده، فمن شأن هذا أن يحدّ من الأموال الضائعة على الخزينة من جهة، ويدعم مفهوم النزاهة والعمل الشريف من جهة أخرى، وخاصة أن أكثر صور الفساد شيوعاً يتمثل بالتلاعب في المشتريات وأعمال المخازن والمهمات، والمبالغة في أوجه الإنفاق الحكومي وتمرير الاتفاقيات والعقود مقابل عمولات خاصة مجزية يقبضها القائمون على تنفيذها، كما تشمل صور الفساد تلقّي الرشاوى بغرض غض الطرف عن تجاوز القوانين، والتلاعب في إرساء المناقصات والمزايدات الحكومية على من يعطي أكثر، واستخدام الوظيفة العامة –تهديداً وابتزازاً– لجني ما يمكن تحصيله من عطايا أو أتاوات مالية من رجال الأعمال وأصحاب رؤوس الأموال والمتاجر، وخاصة أن بعض التقارير يتحدّث عن وجود فئة من الفاسدين في أوساط الطبقة الرأسمالية من الصناعيين والتجار الذين يدفعون رشاوى لبعض المسؤولين في الدولة في وزارة الاقتصاد ووزارة المالية من أجل التهرّب الضريبي.
نسبة مرعبة..!
لا أحد ينكر أو ينفي تفشّي الفساد في متن الجهاز الحكومي وعلى عدة مستويات، لكن لا يجمع الكل على إمكانية القضاء عليه، فأكثر المتفائلين يعتقد أن نسبة الحدّ منه ربما لا تلامس الـ70% وذلك على مدى سنوات طويلة قد تصل إلى عشرين سنة وما فوق، ما يعني أن هناك حاجة إلى عمل دؤوب وإرادة لا تكلّ ولا تملّ، إلى جانب نشر ثقافة جديدة تشدّ من أزر العاملين على هذا الملف، والمواطن هنا ليس بمنأى عن المسؤولية فهو مدعوّ للمشاركة في تطهير البلد من الفاسدين عبر تغيير تعامله مع الموظف الحكومي وعدم إفساح المجال لابتزازه، وبالتالي بات هذا الملف بحاجة إلى اعتماد استراتيجية وطنية من نوع خاص قادرة بالفعل على محاربة رموزه وتفويت الفرصة على من تسوّل له نفسه اتباع السبل الملتوية لتحصيل ما يمكن تحصيله على حساب المصلحة العامة، استراتيجية قادرة على الضرب بيد من حديد وتقويم مسار العمل الحكومي بشقّيه الخدمي والاقتصادي.



  عدد المشاهدات:

إرسال لصديق

طباعة
شارك برأيك

الاشتراك بالقوائم البريدية
البريدالإلكتروني: