الأمل بالعمل



الأكثر زيارة
 الصفحة الرئيسية   اقتصاد  

( الوطن» تروي قصة الدولار والليرة..من الخميس «الأسود» إلى الإثنين «الأبيض».. ثلاثة أشهر من المضاربات حيّرت الاقتصاديين وهزّت الأسواق
November 09, 2013 12:24

 

 

كل الأخبار - الوطن( علي نزار الآغا)  :

 

كيف ارتفع الدولار من 168 ليرة إلى 330 وعاود انخفاضه إلى 168 في ثلاثة أشهر.. وماذا بعد الـ125؟

ليس أكثر استفزازاً من عمليات المضاربة في الدولار أمام الليرة السورية سوى تصريحات وتعليقات بعض الاقتصاديين وقد تفجرت مواهبهم عبر صفحات الانترنت في التعجب والتحذير من الانخفاض الحاد للدولار أمام الليرة، أو بالأصح تحسن الليرة أمام الدولار، على أساس غياب أي محفز اقتصادي حقيقي لدعم قوة الليرة، ومصدر هذه التحليلات هو معدل هبوط الدولار حيث خسر 30 ليرة في يومين أي انخفض بنسبة قاربت 20%، وقد نتفق مع معظم الطروحات المستغربة من تحرك العملة بهذا المعدل في يوم أو يومين..
 ولكن أهذا جديد علينا يا ترى؟ وهل العوامل الاقتصادية هي التي تتحكم بمسار الدولار/ليرة في السوق السورية؟ هذا ما يحتاج تقنيات التحليل الفني التي ترصد واقع السوق من خلال معايرة اتجاهات العرض والطلب وفق قواعد دقيقة، بدأت تنطبق على الدولار/ليرة بعد تطور التعاملات في السوق السوداء واعتماد أسعارها في تسعير العديد من المواد، وعلى رأسها الذهب، وعندما نقول عرض وطلب، نأخذ في الاعتبار العوامل المؤثرة والمسيطرة على قوى السوق بما يخدم تحقيق المكاسب الكبرى لأصحاب النفوذ في السوق من حيث السيولة المتداولة والقدرة على دفع السعر في الاتجاه المطلوب، ومن ثم نشر الأخبار والإشاعات التي تخدم هذا الاتجاه وتحشد المتعاملين وتوجيههم في السياق المطلوب، وإيقافهم عند نقاط خروج كبار المضاربين مع بدأ جني الأرباح، وهذا ما يسمى مضاربة، وهذه الحالة تختزل كل تحركات الدولار فوق مستوى 150ليرة.
 
الخميس الأسود.. الدولار إلى 200 ليرة
ولكي نتحدث بالوقائع دعونا نعود بالذاكرة إلى نهاية الأسبوع الأول من شهر حزيران الماضي عندما كان الدولار يتحرك بهدوء قرب 150 ليرة، ثم بدأ قفزاته إلى 168 ليرة في 12 حزيران من باب «جس نبض» السوق لتقبل الارتفاع دون وجود سبب اقتصادي أو سياسي داعم لذلك، بل تحريك السوق من قبل المضاربين إلى الأعلى من أجل جني الأرباح، وبالفعل استجاب السوق وبعد استقرار لثلاثة أيام عند 168 ليرة ارتفع الدولار بنسبة 19% ليصل في تعاملات 18 حزيران إلى 200 ليرة، اليوم الذي يمكننا أن نسميه مجازاً «الخميس الأسود» من جهة المضاربات العنيفة غير المسبوقة. 
وعند هذا المستوى بدأت عمليات جني الأرباح، حيث بدأ المضاربون بالخروج من السوق عند سعر 200 ليرة، فمن اشترى قبل 12 يوم (بـ150 ليرة) ربح 50 ليرة في كل دولار، أي بربح تجاوزت نسبته 33% في أيام، وأيضاً في ظل غياب أي عوامل اقتصادية أو سياسية تبرر هذا الارتفاع الحاد وانخفاضه عند الاقتصاديين، في حين كان واضحاً أنه مضاربة للمحللين الفنيين.
ومع تقبل السوق لهذه الحركات التي لم تكن واضحة بهذا الشكل قبل أيار العام الماضي عندما تخطى الدولار حاجز الـ150 ليرة للمرة الأولى، ما يعني دخول العديد إلى عالم المضاربة بـالدولار/ليرة حصرياً في ظل غياب شبه كامل للمضاربة باليورو/ليرة، وهنا فكان الارتفاع السابق قبل أيار ناجماً عن الحال الاقتصادي والسياسي وارتفاع مستوى الطلب على الدولار لغايات التحوط من خسارة القيمة الشرائية لليرة السورية، الأمر الذي لم يعد ينطبق على السوق بعد أيار، عندما تطورت المضاربة واتسعت وأصبحت مصدر دخل جديد ورديف للتاجر والموظف والعاطل عن العمل.
 
المضاربات العنيفة.. الدولار إلى 330 ليرة..!!
في 22 حزيران انخفض الدولار إلى 184 ليرة بعد الخروج الجزئي للمضاربين، لكن الوضع المريح في السوق من جهة تقبل تقلبات الدولار الحادة أمام الليرة، دفعهم لتجديد الموجة «المحفزة» أو الصاعدة ليرتفع الدولار إلى مستوى قياسي جديد عند 230 ليرة في 5 تموز، ومن ثم واصل ارتفاعه إلى 240 ليرة في 6 تموز وإلى 260 ليرة في 7 تموز، وإلى 290 ليرة في 8 تموز (30 ليرة في يوم واحد!!) ليكسر حاجز 300 ليرة لأول مرة في تاريخه يوم الثلاثاء 9 تموز مسجلاً مستوى 310 بشكل وسطي، مع تداول أسعار فوق 330 وقتها، أي يكون الدولار قد ارتفع نحو 100 ليرة في أربعة أيام، أي ارتفع الدولار بأكثر من 40% في أربعة أيام، وأيضاً دون وجود أي عوامل اقتصادية أو سياسية تبرر هذا التراجع الحاد في قيمة العملة السورية، إلا المضاربة.
 
الإثنين الأبيض.. الدولار إلى 168 ليرة مجدداً
وبين تصديق وتكذيب، بدأ الدولار انخفاضه في اليوم التالي (10 تموز) إلى 290 ليرة، و275 في 12 تموز، ليعود إلى مستوى 185 ليرة في أسبوع من ذلك التاريخ، وتحديداً في 20 تموز، وهكذا يكون الدولار قد عاد إلى نقطة الانطلاقة قبل شهر، حيث كان الدولار بـ184 في 22 حزيران، بفعل المضاربة، والمضارب «الحربوق» ربح أكثر من 70% من رأسماله المدور، على حساب قيمة الليرة والتضخم والتخريب في أسواق السلع.
الاستهجان الشعبي لعمليات المضاربة المشبوهة هذه والتي أضرت بالاقتصاد كثيراً، جعلت المضاربة أقل حدة، وضمن هوامش محدودة نوعاً ما تقترب من القيمة الاقتصادية الحقيقية لليرة، أو السعر التوازني لها، وهكذا بدأت موجة صاعدة جديدة، ولكنها أقل قوة من السابقة، في شهر آب الماضي، وكانت نقطة الانطلاق من يوم 26 آب ومستوى 204 ليرات للدولار، الذي قفز في يوم واحد إلى 240، وفي اليوم الذي تلاه إلى 285 ليرة، وعند هذه النقطة بدأت عمليات جني الأرباح وخروج المضاربين من السوق عبر البيع، وبالطبع أمام من يبيع هناك من يشتري على أمل عودة الدولار إلى الارتفاع بل وصوله إلى مستوى 500 ليرة كما كان يشاع وقتها، إلى أن الدولار هبط إلى 220 ليرة في 2 أيلول الماضي، ومن هنا بدأ الهبوط مدعوماً بالعوامل الأساسية من اقتصاد وسياسة وتدخل القوى الأمنية لمخالفة شركات الصرافة المخالفة الذين يلعبون دور صانع السوق، ما رفع مستوى المخاطر من المضاربة بالدولار/ليرة وأصبح الدولار يناور قرب قيمته الحقيقية.
وفي 16 أيلول وصل الدولار إلى 205 ليرات، ليرتفع إلى 213 في 19 أيلول من باب تحفيز ارتفاع جديد، إلا أن السوق لم يستجب بنفس القوة السابقة، وتحول اهتمام المضاربين إلى المضاربة بالاتجاه الهابط بدلاً من الصاعد، والقيام بعمليات التسييج لرؤوس أموالهم المدورة في السوق، وضمن هوامش محدودة انحصرت بـ13%.
ومع نهاية شهر أيلول استقر الدولار عند مستوى 168 ليرة يوم الإثنين 30 أيلول (وهو ما أحب أن أطلق عليه تسمية الإثنين الأبيض)، ليعود الدولار بذلك إلى مستواه قبل ثلاثة أشهر، وهو نقطة انطلاق المضاربات العنفية في السوق يوم 14 حزيران.
 
أيلول الهادئ... مضاربات ضيقة
وبدأ الدولار تحركه الهابط ومناوراته المحدودة لجني الأرباح من 9 تشرين الأول عندما لامس الدولار مستوى 184 ليرة، ليلامس 150 ليرة مجدداً في بداية شهر تشرين الثاني الجاري، ثم تحرك إلى مستوى 123 في مساء 4 تشرين الثاني، وحافظ على مستوى بين 123 و132 حتى صباح اليوم التالي، لتتجدد عمليات رفع السعر من أجل خلق موجة صاعدة جديدة من أجل جني الأرباح، وكان واضحاً أن السعر بين 110 و125 هو سعر شراء، أي دخول إلى السوق، وخاصة مع وقوف المصرف المركزي متفرجاً على الأسعار دون أن يقتنص الفرصة الذهبية ويثبت الدولار عند المستوى المستهدف اقتصادياً وفق أولويات السياسة الاقتصادية، وخاصة أنه تمكن في السابق من تقليص هامش المضاربات دون مستوى الـ200 ليرة للدولار.
 
تشرين الثاني.. محاولات لجني أرباح
وهكذا ارتفع الدولار بالأمس إلى حدود 150 ليرة مجدداً، وكان واضحاً أن الصرافين يشترون الدولار عند أسعار تراوحت بين 140 و147 ليرة، لكن معظمهم امتنع عن البيع، وذلك لتحفيز من يملك الدولار على بيعه خوفاً من الخسارة، ليكون المدى المستهدف قريب من المستوى السابق ويرجح أن يدور نحو 160 ليرة، دون أن يخترق مستوى 185 ليرة مجدداً، حيث تتم عمليات جني الأرباح قرب وفوق مستوى 160 ليرة، ما يؤدي إلى انخفاض السعر مجدداً، لنتكلم عن هامش جديد يناور فيه الدولار، وهو بين 125 و170، ويمكن للمركزي المحافظة عليه أو تقليصه إلى 120 و150 إن أراد وأجاد (اللعب) في السوق، وخاصة أن هذه المستويات قريبة من القيمة الحقيقية لليرة قياساً إلى الظروف الراهنة، وهذا ما سيتكشف اليوم من جلسة بيع الدولار التي يعقدها المركزي.
وفي النهاية يتأكد للمراقبين أن المضاربات هي التي تحرك الدولار، من خلال التحكم بالعرض والطلب من قبل ذوي الشأن في السوق، وجميعنا يتذكر كيف استقر الدولار لستة أشهر في العام الماضي عند 70 ليرة، رغم استمرار الحالة الاقتصادية والسياسية، ثم ارتفع إلى 100 ليرة، بعدها، وفهمنا أن العوامل الأساسية من اقتصاد وسياسة وارتفاع في الطلب التحوطي مسؤولة عن هذه المستويات الجديدة، قبل أن تنشط عمليات المضاربة، وهي سّر التحركات العنيفة للدولار أمام الليرة، والتي توصف بالمشبوهة كونها قد تكون مدعومة من جهات لها مصلحة بتخريب اقتصادنا.


 



  عدد المشاهدات: 1376

إرسال لصديق

طباعة
شارك برأيك

الاشتراك بالقوائم البريدية
البريدالإلكتروني: