الأمل بالعمل



الأكثر زيارة
 الصفحة الرئيسية   الصحافة السورية  

الإعلام.. بين الحرية والأمانة والواجب-صحيفة تشرين
September 11, 2015 11:41

الإعلام.. بين الحرية والأمانة والواجب-صحيفة تشرين

ما كان الإعلام يوماً بشقيه الرسمي والخاص إلا مواكباً لمسيرة سورية في البناء والتحليل وكشف الفساد، ووضع اليد على الحقيقة أينما كانت، ومن هنا كان لزاماً على كل من يمتهن مهنة المتاعب هذه، أن يتحلى بالموضوعية والمسؤولية في إطار ممارسة حرية طرح الكلمة بحيث يتوخى الأمانة في طرحها.. هذا في وقت الرخاء، فكيف والبلاد اليوم تواجه أعنف حربٍ إرهابية يشغل التضليل وتشويه الحقائق جانباً كبيراً منها.

اليوم سورية تقف على مفترق طرق خطر في تاريخها، يتشعب الطريق في مسالك الأضاليل الشائكة التي تطول بنيتها والتي لم تشهدها البلاد من قبل، فيما جرى من أهوال هي الأعنف في مرحلة تاريخية حرجة تمر بها سورية، من الإرهاب الذي ضرب عمق أراضيها، فهدد مواطنها بمعيشته وكل مفاصل حياته، وهجرته القسرية وأزمات اقتصاده ومجتمعه.. وترك لبنيتها التحتية ولمواطنها صورة الأزمة وانعكاسها، صورة افتقدت الأمان، امتلأت بالخوف الممزوج بالأمل القادم.

بين الحرية والأمانة والمسؤولية والواجب، يتضح دور الإعلام، بما سيحمل من رافعات المعنى والمبنى، الذي من واجبه أن يقوم به وبخاصة بعد الذي عاشته الدولة السورية من حرب عسكرية واقتصادية وسياسية واجتماعية على جميع مكوناتها، ودوره الأهم في معالجة وكشف مفرزات هذه الحرب التي طالت ضعاف النفوس والضمائر في تجليات أزمة أخلاقية لبست الضمائر في وقت الشدة، وهو الوقت الذي على السوريين جميعاً أن يعوا فيه ما يجب عليهم فعله في تلك المرحلة التي تكالبت فيها شياطين العالم على بنية المجتمع السوري بهدف تفتيته أولاً، وتقسيمه ثانياً، والعمل على طمس هويته وحضارته ثالثاً.. ورابعاً وخامساً.. مما لم يعد يخفى على كل مواطن سوري غيور.

كان التحدي والإصرار على البقاء والحياة الذي يولد من رحم الأزمات والحروب، والقدرة على العمل في أيام الشدة والشدائد..

لكن بعض وسائل الإعلام المدارة من جهات خارجية تستغل ظروف الأزمة وتداعياتها للمضي بعيداً في التضليل والتشويه وربما التلفيق تحقيقاً لأهداف تلك الجهات التي تديرها، ما يترك بالغ الأثر على المواطن والدولة بشكل عام.

فبعض الإعلام الضاغط المُضلل ولاسيما ما انتشر من مواقعه الإلكترونية التي تدار من جهات خارجية يعمل بشكل مناقضٍ للإعلام الموضوعي البنّاء الذي يتحمل مسؤولية تعزيز قدرة المواطن السوري على مواجهة التداعيات المعيشة اليومية للأزمة مهما بلغت شدتها من خلال التحليلات المنطقية للمعطيات التي أيضاً عليه أن يضعها أمامه بأمانة بعيداً عن التضليل والتشويه والشائعات وتضخيم بعض الجزئيات، وذلك لشحذ عزيمة المواطن وقدرته على التحمل حتى لو كانت المغريات تضاهي الكون، وبخاصة عندما تترك له حرية السؤال بالسؤال نفسه: ماذا عليّ أن أفعل في خضم هذه الحرب المجنونة على بلدي؟.

وتالياً، لا ينفع أن يقف الفرد السوري مكتوف اليدين من دون أن يقدم مبادراته، صغرت أم كبرت، فكل مبادرة مهما رآها صاحبها ضئيلة وصغيرة تكنْ فاعلة وذات دور وأهمية في مكان ما، ضمن مجالات الاختصاص والأهداف..

أما كيف ينظر الفرد فينا إلى الحياة الخانقة، التي تشكّلت بفعل الإرهاب العالمي على بنيتنا النفسية وجغرافيتنا وسيرورة حياتنا.. وتلك التي تشكّلت بفعل أدوات القتل والذبح والتضليل والفتنة، ما دورنا تجاهها؟ وما دورنا تجاه مجمل تداعيات ماخلّفته الحرب الإرهابية على بلادنا من أزمة اقتصادية خانقة على بيوتنا وأسرنا ومجتمعنا بعد أربع سنوات ونصف السنة من هذه الحرب المسعورة؟. بالتأكيد المثال لا يأتي وردياً، ولا متفتحاً من ربيع «الديمقراطية» المزيف، الذي أركب أبناءنا غياهب البحر الغربي فماتوا بين أمواجه المتلاطمة، ولا دول التآمر التي أخذت فتوة شبابنا وعائلاتنا، ولا اقتصادنا المتأذي من الضغوط العالمية عليه.. وإنما يأتي من المواطن نفسه الذي وعى حجم المؤامرة على سورية فتصدّى لها، وعرف أن هذا التراب هو الباقي ليضم رفاتنا، وأن يتشكل وعينا على الالتفاف حول دولتنا وجيشنا وشحذ عزيمتنا ذات الرأسمال الأكبر: الشهادة أو النصر. فهذه سورية أقدم دولة مأهولة في التاريخ، فهل نسي بعض الأبناء ذلك ليسيئوا لها وليفرغوها اليوم خدمة لمشروع مستعمر ظالم؟

بقلم: رغداء مارديني


 



  عدد المشاهدات:

إرسال لصديق

طباعة
شارك برأيك

الاشتراك بالقوائم البريدية
البريدالإلكتروني: