الأمل بالعمل



الأكثر زيارة
 الصفحة الرئيسية   الصحافة السورية  

المعادلة الواحدة-صحيفة تشرين
September 21, 2015 14:38

المعادلة الواحدة-صحيفة تشرين

ما معنى أن تعرف أمريكا مواقع تنظيم «داعش» الإرهابي في سورية وتغمض عينيها عنها، ولا تأمر بقصفها؟

ولماذا تمنع أميركا تالياً غيرها من الدول من قصف هذه الأماكن والمواقع؟

في اللغة وفي الجهود المشتركة عند مَنْ يفهم ماذا يعني الإرهاب، وتمدّد الإرهاب، ومكافحة الإرهاب، تكمن التفاصيل التي على الدول «المتحالفة» تحت ظلّ الراية الأمريكية أن تعي أبعادها ومراميها وأهدافها حقيقةً في ترسيخ الأمن والأمان في المجتمع الدولي، فما بالك بسورية التي أرادوا للإرهاب أن يستوطن أراضيها، ويقوّض دعائمها، ويمحو معالمها..؟

فالذي جرى في المنطقة بعامة، وفي سورية بخاصة، يبيّن أن «التحالف» في ظلّ القيادة الأمريكية «لمحاربة داعش» الإرهابي لم ينجح إلى الآن في القضاء عليه، ولا في وقف تمدّده وانتشاره، لأنه ما هو إلا أكذوبة سمجة ووهم من أوهام الغرب الاستعماري، يحاول من خلاله أن يعمي الأبصار ببريق الألفاظ، باعتراف محلّلي الغرب أنفسهم بزيف هذا «التحالف»، وكشف ما يقوم به من خداع وتضليل بادّعائه محاربة ومكافحة الارهاب، وهو في الحقيقة الساطعة على عكس ما يدّعي ويزعم، فكيف إذاً بأصحاب هذه الأرض الذين لا يرون في «التحالف» الغربي أنه وهم وادّعاء فحسب، بل هم متيقنون أيضاً من أن هذا الغرب هو مَنْ يغذي الإرهاب ويدعمه بطرق متعددة.

والمتابع يعرف أن من خلق هذا التنظيم، وأظهر أفاعيه إلى النور والوجود، هو الغرب نفسه الذي يدّعي، اليوم، زوراً وبهتاناً، محاربته ومتابعة تحرّكاته ليضربها أينما كانت، عبر سلسلة ألاعيب لم تعد تنطلي على مَنْ اكتوى بنار الإرهاب، ولا حتى على ذاك المتابع عن بعد لتنفيذ تلك الآلية المزعومة التي أول ما يبرز فيها هو تلك الازدواجية، والنفاق الغربي في تعامله مع موضوع مكافحة الإرهاب وغيره من الموضوعات الكثيرة.

فالمشروع الاستعماري التقسيمي المرسوم للمنطقة الذي قامت على بنيانه في الأصل، ومن أجله، معادلة خلق الإرهاب وتبنّيه، ودعمه، خدمةً «لإسرائيل» أولاً، ومن ثمّ خدمةً للغرب وأطماعه، بات مفضوح التشكّل، ومستمر الأبعاد في الذهنية الغربية المستمرة، وبخاصة بعد مرور أربع سنوات ونصف السنة على الحرب المتكالبة على سورية التي بدا فيها الغرب، بمعاييره المزدوجة، مستغلاً مجمل الأحداث التي تسبب بها الإرهاب، وما زال، وتأثيره الدموي في سورية، في تنفيذ أجنداته، بما أظهرت ارتدادات ذاك الارهاب، وعقوبات الغرب الاقتصادية على هذه الدولة التي أبت إلا أن تبقى شامخةً بصمود وقدرة جيشها الباسل، وثبات شعبها، وحكمة قائدها.

وصار الأمر في حديث الحلول ملتوياً، يعزف على وتر المصلحة الغربية الصهيونية ذاتها، بالعودة إلى مرتكزات ومسارات لا تنفع في إطار حلّ الأزمة، ما لم يقتنع الغرب نفسه بأن لا حلول مجدية إلا حلاً واحداً فقط، يفضي إلى كلّ الحلول، ألا وهو مكافحة الإرهاب وتحقيق الأمن والأمان اللذين هما مطلب كل شعوب المنطقة على نحو عام.. ومطلب كل سوري على نحو خاص، فلا خلاص إذاً إلا بالقضاء على الإرهاب أولاً وقبل كل شيء.

ومن هنا، لا يمكن أن يتمّ الوصول لحلّ سياسي قابل للتطبيق في سورية، إذا لم يتمّ القضاء على الإرهاب والإرهابيين، ومن ثم تأتي إمكانية البحث في التفاصيل المعوّل عليها للدخول في الحلّ السياسي، بعد دراسة المبادرات والأفكار والرؤى، من أيّ مكان جاءت، وضمن أيّ لقاءات تمّت أو يمكن أن تتم، من موسكو «3» إلى جنيف… والأهم في ذاك ما تقدم من بنود في موسكو «2» التي يمكن أن يُبنى عليها ولكن.. بعد «ولكن»؟، التي تعني مكافحة الارهاب، أولاً وآخراً.

وضمن «ولكن» هذه، كان من الضرورة بمكان البحث في تحالف حقيقي وجاد، لايستثني الجيشين العربيين السوري والعراقي الأكثر مقدرةً على دحر الإرهاب ومكافحته، وبخاصة تنظيم «داعش» وأبنائه، وعائلته من تنظيمات إرهابية، توالدت منه، ومعه، وشريكته في كل ما يحدث من نتائج تمخضت عن الإرهاب المتمدّد، ووحشيته الدموية التي انعكست دماراً وخراباً وقتلاً في سورية.

ومن هنا، كان لزاماً إذا ما أريد لنار الإرهاب أن تخمد، البحث جدياً عن المسؤول الحقيقي عما يحدث على الأرض السورية، أيّ الصانع والمغذي لهذا الإرهاب ومساءلته ومحاسبته، في الوقت الذي يجب أن ينظر فيه إلى تعزيز قدرة ودور الجيش العربي السوري الذي لم تبخل روسيا عليه بالخبرات العسكرية والمعدّات، وكذلك الأصدقاء في إيران، والمقاومة اللبنانية… بردّ قادر على أن يجيب عن تساؤل: لماذا تمنع أمريكا غيرها من مكافحة «داعش» على الرغم من معرفة الصانع بالمصنوع، بمساواة أمريكا و«داعش» ضمن المعادلة الإرهابية الواحدة، وتالياً، يتبيّن السبب الجوهري وراء إغماضة عين أميركا تلك!

بقلم: رغداء مارديني


 



  عدد المشاهدات:

إرسال لصديق

طباعة
شارك برأيك

الاشتراك بالقوائم البريدية
البريدالإلكتروني: