الأمل بالعمل



الأكثر زيارة
 الصفحة الرئيسية   الصحافة السورية  

انعطافات-صحيفة تشرين
September 28, 2015 14:38

انعطافات-صحيفة تشرين

ما الذي تغيّر في استراتيجية الدول التي تحالفت ضد سورية، وتآمرت عليها، وقدّمت الأموال والسلاح والدعم للمرتزقة الإرهابيين الذين جاءت بهم من كلّ أصقاع الأرض، ليستبيحوا بظلمة عقولهم وأفعالهم الأرض السورية، ويهجّروا، ويقتلوا، ويذبحوا مواطنيها الآمنين في دولةٍ لطالما وصفت بالأمن والأمان.. دولة عنوانها السيادة والمقاومة والكرامة، واحترام المجتمع الدولي وقراراته؟

فعلاً ما الذي تغيّر، ولماذا تغيّر؟

هل كان للصمود السوري بثالوثه: الجيش والشعب والقائد، أبلغ الأثر في إعلام دول التآمر أن سورية، بجغرافيتها، عصيّة على كلّ المصالح الاستعمارية، وعصيّة أيضاً على الاختراق بكشفها أفظع مخطط جهنمي استعماري رسمته دوائر «البنتاغون» والصهيونية العالمية للمنطقة لإعلان «يهودية إسرائيل»، وحمايةً لأمنها الذي طالما تسابق رؤساء الولايات المتحدة إلى إعطاء الضمانات للحفاظ عليه، آخذين العهود في انتخاباتهم، أن يبقى أمن «إسرائيل» طوقاً في رقابهم، تعمل مؤسساتهم بكل مفاصلها على ضمان حمايته؟.

وهل إن كَشف هذا الصمود السوري الأسطوري على مدى أربعة أعوام ونصف العام، وفضحه للمؤامرة التي خطّطت لإرساء دعائم الإرهاب في المنطقة، كانا على نحوٍ لم يعد يجدي معهما إلا التراجع بانعطافات الشروط التي طالما تشدّق داعمو الإرهاب بأنهم لن يتخلوا عن تحقيق مصلحتهم الاستعمارية عبر مشروع التقسيم والتفتيت والتمزيق المراد إرساء دعائمه في هذه المنطقة وسورية؟

ترى، ما الذي جعل وزير خارجية أمريكا ووزير خارجية فرنسا والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، وآخرهم أردوغان وغيرهم.. يتخلّون عن بعض من شروطهم المسبقة مثلاً التي وضعوها أمام إجراء أي حوارٍ سوري ـ سوري، لحل الأزمة في سورية؟

هل هي الاستراتيجية الجديدة مع الأصدقاء الروس والإيرانيين والمقاومة الوطنية اللبنانية التي وقفت في وجه استراتيجية المتآمرين المنسوجة بخيوط مصالحهم، وفضحت زيف ادّعائهم في «مكافحة الإرهاب» الذي كثيراً ما حذّرت منه الدولة السورية، وعرّته، وبيّنت أهدافه وغاياته ومراميه، وخطورة تمدّده نحو المجتمع الإقليمي والدولي، وليس في هذه المنطقة فحسب، وليس أدلّ على ذلك من المشاهدات التي باتت وسائل الإعلام الغربية تنقلها من أفعال هذه التنظيمات الإرهابية، بعد أن ضلّلت هذه الوسائل نفسها الرأي العام طويلاً.. مشاهدات عن مجازر الإرهاب ووحشيته ودمويته في التعامل مع البشر والحجر.

فهذه الاستراتيجية الجديدة المبنيّة على احترام سيادات الدول، وصون حرية شعوبها، واحترام مبادئ المجتمع الدولي، تقف شامخةً الآن في الميدان مستعدة لتقول كلمتها بعد أن قالت كلمتها السياسية، ورأيها السياسي المهمّ في المحافل الدولية من الأمم المتحدة، إلى مجلس الأمن، إلى المنظمات الدولية المعنية، بشكلٍ مباشر وغير مباشر، بما يجري على أرض هذه المنطقة التي تأخّر العالم كلّه كثيراً في إيقاف الدم المنساب على أرضها الذي أهرقته التنظيمات التكفيرية المتوالدة، و«داعش» الإرهابي في مقدمتها.

وعلى هذا، يبدو الاستحقاق القادم في تلاقي الرؤى والأهداف عند سورية وأصدقائها هو المحور الرئيس المعوّل عليه في بناء هذه الاستراتيجية المقابلة لما بنته دول التآمر من استراتيجيات ذات سيناريوهات متحولة ومتبدلة، بدأت مكرهةً تنعطف نحو طرق لم تكن ترتضيها سابقاً، فرضتها المعطيات القائمة، واقعاً ومستقبلاً التي يؤخذ في الحسبان فيها مجمل التساؤلات السابقة أعلاه، بما مهدت على الأرض والميدان من وضعٍ بات مختلفاً، متصدياً لكل ما أفرزته الحرب على سورية من إرهاب متمدّد وتكفير ظلامي بدأ ينشب أظفاره في جسد المنطقة بأسرها، ويرتدّ إلى كل مَنْ صنعه، ودعمه، وموّله، وأوجد بيئته الحاضنة في دول الجوار.

إذاً، هناك أقوال حملت انعطافات الشروط التي فرضها واقع الميدان السوري، وفشل أجندات المتآمرين وتعاون الأصدقاء، ضمن معطياتٍ جديدة، باتت تحمل مدلولات ومؤشرات يلوح في أفقها الحديث الفصل والمنتظر في أعنف حربٍ إرهابيةٍ شهدتها المنطقة.

بقلم: د. رغداء مارديني 



  عدد المشاهدات:

إرسال لصديق

طباعة
شارك برأيك

الاشتراك بالقوائم البريدية
البريدالإلكتروني: