الأمل بالعمل



الأكثر زيارة
 الصفحة الرئيسية   الصحافة السورية  

الأحزاب.. والشباب- بقلم عبداللطيف عمران
July 07, 2013 13:37


كل الأخبار - البعث : تتعدّد الآراء اليوم وتختلف في النظر إلى المجتمع السياسي العربي بأحزابه ومنظماته ونقاباته. فبعضها يراه هشاً غير قادر على إنتاج الوعي السياسي الذي تتطلبه المرحلة الراهنة للخروج من الأزمات الوطنية والعربية والإسلامية الكبرى التي تعيشها منطقتنا. وبعضها يراه فاعلاً قادراً على توليد مشهد احتجاجي مستمر لم يعد بإمكان الدولة الوطنية ببنيتها ووظيفتها الراهنة ضبطه أو التنبؤ بمساره.
ولا شك في أن الأحزاب والمنظمات التي لم تأخذ بمعطيات الحداثة وثورة المعرفة والانفتاح ونزوع الأجيال الجديدة المحيّر ستكون أكثر عرضة للاصطدام بالواقع، وبالثابت والمتحوّل في عصر انهارت فيه سيادة الدولة التقليدية، وبرزت فيه التنظيمات والمؤسسات والجمعيات العابرة التي تعمل من خلال قنوات التواصل الاجتماعي على الوصول إلى عصر «نهاية سيادة الدول» من خلال الانخراط في تشكيلات لا نوعية عابرة للدول وجوّالة فوق الحدود، ما جعل بعض قادة الدول يتوزّع بين النأي بالنفس، والقرار الوطني المستقل، أو اللجوء إلى تكتل دولي أو إقليمي أكبر.
لقد أصبحت اليوم الدول والأحزاب والمجتمعات أقل مَنعة أمام عدوى التأثّر بالعابر للحدود من أفكار ومشاريع، وصارت السلطات والمؤسسات أمام تحديات الوافد الجديد الذي سرعان ما يتلقّفه الشباب ويتعامل معه بصور وآليات يصعب ضبطها، ومثال ذلك ما رأيناه من رعب أردوغان أمام أثر قنوات التواصل الاجتماعي بين الشباب، ولا سيما «تويتر» الذي رفض طلبه بالتجسس على الحركة الاحتجاجية التركيّة الواسعة والمتجددة.
وفي هذا السياق فإن الشرق الأوسط دولاً ومجتمعات وأحزاباً مقبل على رسم خارطة جيوسياسية جديدة تختلف عن خارطة سايكس بيكو في القرن الماضي التي رسمت بالقلم. إننا اليوم أمام خارطة ترسم بالدم والنار، من خلال إضرام أحقاد الماضي الإيديولوجية وسحبها على الحاضر، يُستغلّ خلالها الانزياح الحاصل في مجتمعات (المنطقة الأيديولوجية) بحيث تئن المنطقة تحت وطأة تحدي إعادة إعمار البشر والحجر كما أوضح ذلك بالتفصيل السيد الرئيس بشار الأسد في مقابلته المتميّزة مع صحيفة فرانكفورتر الألمانية في 18 حزيران الماضي.
والحقيقة أن شباب اليوم أكبر من التنظيمات السياسية العربية التقليدية، تلك التنظيمات التي يجب أن تأخذ بالحسبان أن عليها أن تعدّ نفسها لتخاطب مواليد عام 2000، وأن تكون قادرة على إنتاج خطاب سياسي مناسب لليوم، والمستقبل، قادر على التجديد في أمة لا تشعر فيها النُخب السياسية والفكرية أنها بحاجة إلى المستقبل قَدَرَ حاجتها إلى الماضي، نُخَبٌ تعمل على أن يزحف التراث على المعاصرة، فتعيد إنتاج رؤى القرن الماضي للأحزاب القومية واليسارية والإسلامية والليبرالية التي تعاني مع واقع اليوم ما تعانيه.
ومع تغذية الغرب للفكر السلفي والتنظيمات الشبابية الإسلامية في بلدانه، وخيانته لمبادئ عصر التنوير وفصل الدين عن الدولة، وتآمره مع الرجعية العربية لتصدير هؤلاء الشباب أدوات فتنة وتدمير لمنجزات حركة النهضة العربية. مع هذا يصبح الخطاب السياسي العربي يواجه مجتمعاً قائماً على أرضية رخوة لا تتحمّل بناء مشروع سياسي وطني مناهض للمشروع الساعي لأسلمة المجتمعات والدول، مما يتطلب العمل السياسي والفكري على إنتاج الدولة العلمانية القادرة على حماية مفهوم المواطنة والخصوصيات الفكرية وغيرها، كما أوضح الرئيس الأسد في مقابلته مع الإخبارية السورية في 17 نيسان الماضي.
هذه الإشكاليات تدفعنا إلى التفكير بما سينتاب شبابنا اليوم إذا أعادوا النظر في المنطلقات النظرية لحزب البعث ووجدوا فيها: «النظرية النضالية للحزب كان الدافع إليها التصدي لحركة التاريخ- الآراء الإصلاحية انتهازية والإيديولوجيا الثورية هي الحل الوحيد- النظام الاشتراكي وحده القادر على تحقيق التقدم العلمي المنشود...». وفي دستور الحزب: «لا يمكن لأي قطر عربي أن يستكمل حياته بمعزل عن القطر الآخر- بناء الاشتراكية لا يتم إلا عن طريق الانقلاب- وسائل النقل ملك للأمة- النسل أمانة وعلى الدولة إكثاره..»؟!. وكذلك إذا أعادوا النظر في مقررات وتوصيات المؤتمر القطري العاشر للحزب، ولاسيما اقتصاد السوق الاجتماعي.
لكن، وللموضوعية فإن تاريخ البعث النضالي تجاوز النظرية. وشبابه اليوم قادرون بوعيهم وأصالتهم وانتمائهم على تجديد علاقتهم بالواقع من حولهم، وعلى التصدي للاستهداف المصيري الراهن بأبعاده السياسية والاجتماعية والفكرية. ومع انتصار سورية سيتحطّم تحالف المشروع الصهيو-أطلسي الرجعي العربي. فلا يزال البعث القوة السياسية الكبرى المتجذّرة في تراب الوطن والأمة، ولا يمكن أن ينتزع حضوره هؤلاء الذين أنتجتهم الفنادق والمطارات، وسيسهم من جديد بانفتاحه فكراً وممارسة في إعادة الحيوية الى المجتمع السياسي العربي وعياً وصموداً وانتصاراً.
بقلم: عبد اللطيف عمران



  عدد المشاهدات: 1082

إرسال لصديق

طباعة
شارك برأيك

الاشتراك بالقوائم البريدية
البريدالإلكتروني: