الأمل بالعمل



الأكثر زيارة
 الصفحة الرئيسية   أخبار اليوم  

إيران و السعودية ...أدوار إقليمية / بقلم : يونس أحمد الناصر
July 22, 2015 14:57

إيران و السعودية ...أدوار إقليمية / بقلم : يونس أحمد الناصر
يحق لكل دولة أن يكون لها مشروعاً سياسياً و أن تسعى لكي يكون لها دور إقليمي أو دولي تأخذه كنتيجة لفعاليتها الإقليمية أو الدولية و دورها المؤثر في قضايا المنطقة و العالم .
و هنا ما ينطبق على الأفراد ينطبق على الدول , فكما نجد بأن فرداً يأخذ موقعاً هاماً في مجتمعه نظراً لحصافة عقله و كرمه و قدرته على حل المشكلات بين أفراد مجتمعه , نجد بالمقابل شخصاً شريراً يعيش على زرع الخلافات و النزاعات و يؤجج الخلافات في ثنائية الخير و الشر , فكذلك هي الدول منها ما يعمل على أخذ دوره الإقليمي و الدولي من خلال حل النزاعات و الخلافات و العمل على تكوين رافعة اقتصادية و علمية,  بإشاعة روح التعاون الإقليمي و الدولي , بالمقابل هناك دول تأخذ  دور الشرير فتعمل على خلق الصراعات و النزاعات و تغذيها و تقتات عليها و الأمثلة واضحة في العالم سابقاً و حاضراً.
من هنا يمكن الدخول إلى سعي الدول في منطقتنا للحصول على دور إقليمي و دولي و مثالهما الواضح هو الدورين السعودي و الإيراني
ففي حين أخذت إيران الجانب الخيِّر في محيطها الإقليمي و الدولي من خلال دورها في المحافظة على حقوقها الوطنية و مساعدة الفقراء و المستضعفين في محيطها و العالم وكذلك دعم حركات التحرر من نير الاستعمار و العمل على تكوين تحالف دولي يدعم التقدم و النمو و الازدهار في المنطقة,  نجد بالمقابل بأن السعودية أخذت دور الشرير الذي يبدد ثروته الوطنية و لا يهتم لمصالح شعبه و يعمل على زرع النزاعات و يغذيها  في دول الجوار و يدعم الإرهاب العالمي .
و يمكن أن نسحب ما سبق على المشهد الدولي بشكل عام و الأمثلة واضحة في هذا المجال إقليمياً, حيث يمكننا القول بتراجع الدور المصري إقليمياً و دولياً أو الدور التركي في حين يمكننا القول بصعود الدور الإيراني إقليمياً و دولياً و كل دور سواء كان ايجابياً أو سلبياً يجد ردَّات فعل معاكسة و التغلب عليها يدعم هذا الدور أو يقوده إلى التلاشي
المدخل العلمي لنظرية الدور الإقليمي
1- الـدور :
يعرَّف الدور الإقليمي أو الدولي بأنه أحد مكونات السياسة الخارجية لكل دولة ، وهو ينصرف إلى الوظيفة أو الوظائف الرئيسية التي تقوم بها الدولة في الخارج عبر فترة زمنية طويلة، وذلك في سعيها لتحقيق أهداف سياستها الخارجية.
 كذلك يعرَّف بأنه مفهوم صانعي السياسة الخارجية لماهية القرارات والالتزامات والقواعد والأفعال المناسبة لدولتهم، والوظائف التي يجب عليهم القيام بها في عدد من الأطر الجغرافية الموضوعية.
 ومن هذا المنطلق لا ينشأ الدور الإقليمي إلا عندما تسعى الدولة إلى القيام به وصياغته صياغة واعية .
ويقسم العلماء الدور إلى فرعين:
أولهما :  مرتبط بالتوجه أو التصور العام المُعبر عن المعتقدات والتصورات المجتمعية، والأغلب الأعم أن تكون مسبقة، مساهِمة فيها بعمق عمليات سياسية واقتصادية واجتماعية ودولية ونفسية معقدة ومتعددة المستويات.
ثانيهما: متصل بالسلوك المحدد بشأن قضايا بعينها في إطار زمني مقيد.
وبعبارة أخرى، يقسم الدور إلى:
 أولاً:  مفهوم الدور.
 ثانياً: أداء الدور.
 أي أن كل صانع قرار في السياسة الخارجية لديه مفهوم للدور وأسلوب لأدائه.
ويعتبر هذا المفهوم أن السياسة الخارجية هي نظام مفتوح يعبِّر عن تطور مجتمعي في لحظة تاريخية محددة ، آخذاً في الاعتبار دروس الماضي وتصورات المستقبل، وان مفهوم الدور هو مفهوم وظيفي بامتياز سواء في تصوره عند صانع القرار أو في تطبيقه أو تنفيذه.
 وأن النظام الدولي يتغير في إطار الاستمرار في معالم القوة الدولية المعروفة، لهذا يعتقد هؤلاء أن صانع القرار يحتاج إلى نفاذ رؤية لإدراك الفرص الدولية، بينما يرى آخرون  أن صانع القرار يحتاج إلى معرفة ذات طبيعة مختلفة لتخليق هذه الفرص الدولية.
2- خصائص الـدور :
كأحد مكونات السياسة الخارجية للدولة فان للدور أربع خصائص أساسية هي :
أ) إنه يتجاوز حدود التصور ليرتبط بالممارسة، أي أن مجرد تقديم تصور له , لا يعنى بالضرورة تحققه، فأداء أو تنفيذ الدور يرتبط بتخصيص الموارد المطلوبة لذلك .
ب) إنه يتضمن تصورات صانع السياسة الخارجية للأدوار التي يؤديها أعداؤه، بمعنى أن دور الدولة لابد أن يأخذ في اعتباره تصوره لأدوار الدولة أو الدول المعادية وأسلوب التعامل معها .
ج) إن أدوار الدولة تتعدد في نفس الوقت، وهذا يعنى أن الدولة الواحدة ممكن أن تقوم بأدوار متعددة.
د) من الممكن أن يتباين أو يختلف دور الدولة الواحدة في المستويات المختلفة(إقليمياً ودولياً)، وهذا يتضح في قيام الولايات المتحدة بمهام رجل شرطة العالم ، بينما إقليمياً تلعب دوراً تكاملياً في أمريكا الشمالية .
3- أهـداف الـدور
تتعدد أهداف الدور الخارجي للدولة، كما يلي : -
أ) قد يهدف إلى تغيير الأوضاع الراهنة بشكل جذري, ومن ثم يتضمن دوراً تدخلياً نشيطاً في الشؤون الدولية مثل دور الدولة ( قاعدة الثورة) وتصوُّرها لمسئوليتها في قيادة الحركات الثورية في الخارج وإمدادها بأشكال المعونة المتنوعة .
ب) قد يستهدف(تقديم نموذج) كأن تقوم الدولة ببناء نموذج تنموي داخلي يمكن أن يشكل نقطة جذب للقوى الدولية الأخرى .
ج) ممكن أن يسعى إلى تكريس استخدام القوة في العلاقات الدولية .
د) قد يقتصر على مجرد الدفاع الإقليمي عن مجموعة من الدول في مواجهة العدوان الخارجي .
 هـ) قد يتخذ أهدافا إيديولوجية يدافع عنها ضد أهداف إيديولوجية أخرى منافسة أو معادية
يتضح من العرض السابق إن الخلاف حول مفهوم الدور مازال قائماً، لكنه في واقع الأمر خلاف نظري يمكن التعايش معه، إلا أن الأساس حول هذه النقطة أن الدور ليس حملة علاقات عامة أو إشعاع في الفضاء، وإنما قدرة على التأثير بما يخلق مناخ إقليمي عام يدعم مصالح الدولة صاحبة الدور في المنطقة خاصة فيما يتعلق بالتنمية والاستقرار والمكانة، أو تقليصه إلى أقصى حد من التهديدات الموجهة لهذه المصالح.
وتنسحب أهمية الدور – غالباً - على المصالح الأخرى بشكل يفيد الأمن والتنمية والاستقرار، وأحياناً يستخدم كأداة للمساومة مع القوة الخارجية والقوة الإقليمية لتحقيق مصالح محددة، وغالباً ما يقود إلى مخاطر خارجية جمة وسلوكيات مرتبكة.
وفى ظل المتغيرات الإقليمية والمحلية الحادَّة التي شملت كل المجالات وثورة المعلومات والاتصالات الهائلة فإننا أمام عالم جديد تحكم علاقاته أسس وقواعد جديدة تحتاج إلى تصويب الكثير من المفاهيم التي كانت سائدة، ولازال بعضها سائداً، بما يساهم في تطوير السياسات والاستراتيجيات للتعامل مع هذه المعطيات الجديدة وضعاً في الاعتبار ما يلي :
أ) أن الحديث عن الأدوار الإقليمية للدول ليست حديثاً مطلقاً أو جامداً وإنما عملية تتسم بالمرونة، فالدور الإقليمي لبلد ما هو محصلة تفاعل عوامل خاصة بهذه الدولة مع الإطارين الإقليمي والدولي.
ب) عند الحديث عن أدوار الدول فإننا نتحدث عن مكونات أو مرتكزات ذاتية وأسس داخلية توظف إطاراً إقليميا ودولياً بشكل معين على النحو الذي يعظِّم من دور الدولة على المستويين الإقليمي والدولي، وتنقسم المكونات الوطنية التي تسمى (القدرات الشاملة للدولة) إلى مكونات موروثة أو شبه ثابتة، وأخرى تتسم بالمرونة والتغير، وفيما يخص المجموعة الأولى فتشمل: الموقع والمساحة والسكان والموارد الطبيعية، أما المجموعة الثانية فتشمل: القدرات الاقتصادية والعسكرية والمهارات البشرية والمستوى التكنولوجي ومعدلات النمو الاقتصادي والتطور الديمقراطي والاستقرار الداخلي والاندماج والاستقرار الوطني
نظرية الدور الإقليمي وفلسفة المجال الحيوي
1– ماهية النظام الإقليمي
يمثل النظام الإقليمي وحدة متوسطة بين الدولة القومية والنظام العالمي، ولهذا يعرف بأنه (نمطاً منتظماً من التفاعلات بين وحدات سياسية مستقلة داخل إقليم جغرافي معين).
 كما يوصف بأنه (إطار تفاعلي مميز بين مجموعة من الدول يفترض بأنه يتسم بنمطية وكثافة التفاعلات بما يجعل التغيُّر في جزء منه يؤثر على بقية الأجزاء، وبما يؤدي أو يحمل ضمناً اعترافاً داخلياً وخارجياً بهذا النظام كنمط مميز).
والتمييز بين النظم الإقليمية يستند إلى اتجاهات ومدارس متعددة، من بينها من يذهب إلى التمييز بين اتجاهات ثلاثة في هذه النظم هي : -
الأول: اتجاه التقارب، ويقصد به التقارب الجغرافي .
والثاني: اتجاه التماثل أو التجانس، وهو يركز على أبعاد التماثل الثقافي والاجتماعي والاقتصادي .
أما الاتجاه الثالث: فهو الاتجاه التفاعلي، الذي ينتقد الاتجاهين السابقين لعدم اشتراطهما أن تكون الدول المتجاورة على علاقات وثيقة فيما بينها، ومن ثم يصبح العامل الحيوي في أي نظام إقليمي هو: مدى وجود تفاعلات سياسية واقتصادية وثقافية بين الدول وبعضها البعض.
وبصرف النظر عما تظهره هذه الاتجاهات من تنوع ، فان من بين المعايير المتفق علي توافرها في تعريف النظم الإقليمية ما يلي : -
أ) وجود أكثر من ثلاث دول (أو دولتين على الأقل عند البعض) تشارك في عضوية النظام.
ب) وجود شبكة معقدة ومتداخلة من التفاعلات السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية الخاصة بالنظام .
ج) وجود منطقة جغرافية معينة كمحدد لهوية النظام ، أي توافر تقارب جغرافي ملحوظ بين وحدات النظام.
د) وجود درجة ملحوظة من التجانس الاجتماعي والاقتصادي والثقافي.
2- جذور نظرية الدور الإقليمي:
يرجع أصل وجذور نظرية الدور الإقليمي إلى فلسفة السياسة النازية التي ترى أن لكل دولة مركزية (مجالاً حيوياً) تلعب فيه دوراً بحكم تاريخها وجغرافيتها، وأن لهذه الدولة أن تسيطر عليه بالغزو المسلح للأقاليم إن لم يكن بممارسة النفوذ السياسي، وذلك حسب الفكر الألماني الذي أقر بعضوية الدولة وضرورة زحزحة حدودها لتشمل أراضي تتناسب مع متطلباتها الجغرافية.
وجاء ذلك في ظل تنامي أفكار القومية الشيفونية الممزوجة بأغراض التوسع العسكري للحزب النازي، ولم يتوان هتلر في تلقف هذه الأفكار لتكريس مفهوم المجال الحيوي لألمانيا، أي مساحتها الجغرافية اللائقة بها وبالجنس الآري، ولتمثل أبرز مقومات القومية الاشتراكية (النازية) التي تبناها.
وتبدو خطورة هذه النظرية في أن تعريف المجال الحيوي لقوة عظمى محددة يعتمد علي إدراك النخبة السياسية الحاكمة لحدود هذا المجال‏,‏ وقد تؤدي الأطماع الاستعمارية إلي توسيع هذا المجال من خلال غزو أقطار مجاورة‏,‏ وضمها إلي أراضي القوة العظمى.‏
وعلى الجانب الآخر ظهر على المسرح الجغرافي - مع خروج الولايات المتحدة من الحرب العالمية الثانية كأكبر قوة عالمية- مفهوم جديد للمجال الحيوي وهو "الحدود الشفافة"، التي يقصد بها الهيمنة الأمريكية الاقتصادية والعسكرية دون حدود خرائطية للدولة.
أو ما يسميه تايلور- أشهر باحثي الجغرافيا السياسية في العقدين الأخيرين- بـ"جغرافية السيطرة من دون إمبراطورية".
 وهذا المفهوم يسمح بأن يصبح العالم كله "المجال الحيوي" للولايات المتحدة، بعدما عاشت الأخيرة حتى الحرب العالمية الثانية في عزلة اختارتها لنفسها.
وأهم سمة في هذا المجال الحيوي هو "اللا مواجهة",  استناداً إلى مزايا الحرب الإلكترونية، وتوظيف الخصوم المتناحرين في إدارة الحرب بالإنابة، أو التدخل في لحظة محددة باعتباره تدخلاً إنسانياً لصالح العدل والحرية، وفي نفس الوقت تدفع الولايات المتحدة في هذا المجال الحيوي - دون حاجة لتوسيع الحدود- بمبيعات أسلحتها وتحصل شركاتها على أفضل فرص "إعادة الإعمار" وحقوق التنقيب عن الثروات ويشهد على ذلك أن الولايات المتحدة قسَّمت العالم إلي مناطق عسكرية لكل منها قيادة محددة‏ تعمل تحت إمرتها أساطيل وطائرات وقوات عسكرية‏.‏
وقد أرادت الولايات المتحدة أن تنتهز فرصة الضعف التي تمر بها روسيا فمدَّت مجالها الحيوي إلى حدودها من خلال استقطاب دول أوروبا الاشتراكية السابقة لتصبح تابعة لها سياسياً بضمها إلي حلف الأطلسي‏,‏ واقتصادياً من خلال مدِّها بالمساعدات‏,‏ غير أنه أخطر من ذلك كله إقامة شبكة متكاملة من الصواريخ بعيدة المدى تحاصر بها روسيا‏ إستراتيجياً,‏ بزعم أنها موجهة ضد إيران‏,‏ رغم الاعتراض الروسي بأن ذلك يهدد أمنها القومي ‏.‏
وهناك من يرى أن المجال الحيوي يتضمن كافة مجالات الأنشطة الإستراتيجية التي تقوم بها دولة ما، على البر، وفي البحر، وتحت الماء، وفي الجو، وفي الفضاء.
 ويتم تحديد أبعاد "المجال الحيوي" لأي دولة من خلال قدراتها الاقتصادية، والعلمية، والتقنية، والاجتماعية، والعسكرية ـ أو "قوتها الإجمالية".
 وطبقاً للمنظِّرِين الصينيين فإن "المجال الحيوي" للقوى العظمى يمتد إلى ما هو أبعد من حدود الدولة
 

و أخيراً نقول كما انتهت عربدة ألمانيا النازية ستنتهي عربدة السعودية و ومصر و تركيا و إن الشعوب المقاومة ستفرض إرادتها و ستعيد السعودية و حلفائها إلى حجمهم الحقيقي
أما الدور الإيراني و محور المقاومة , فسيقوى هذا الدور ويتم الترحيب به إقليمياً و عالمياً . 



  عدد المشاهدات: 13632

إرسال لصديق

طباعة
شارك برأيك

الاشتراك بالقوائم البريدية
البريدالإلكتروني: