الأمل بالعمل



الأكثر زيارة
 الصفحة الرئيسية   الصحافة العربية و العالمية  

العروبة … مرة أخرى / الكاتب يونس أحمد الناصر
July 12, 2015 11:32

العروبة … مرة أخرى / الكاتب يونس أحمد الناصر

كل الأخبار / ثوابت عربية

لعل أكثر قضية تدوالها العرب عبر التاريخ هي إثبات أنهم أمة واحدة ليس شوفينية أو انغلاقا , إنما طلبا لقوة مطلوبة , تذوب من بين أيدينا كرمال الصحراء , في وجه تكتلات اقتصادية و سياسية أخرى على مساحة هذا الكون , و رغم ما صاغه الوحديون العرب من أسباب جامعة لهذه المجموعة من البشر – و أعني العرب- الا أن هدف الوحدة يصبح يوما بعد يوم كسراب الصحراء , مما حدا بالشاعر القومي سليمان العيسى أن يقول ” وهبتك عمري ما وهبت سوى الظما … أنا الحادي القتيل أنا الظمي ”

و لم تحارب قضية عبر تاريخنا العربي القديم و الحديث , كمحاربة فكرة الوحدة العربية , و في مقاربة لما نراه اليوم , هو نفس الحال الذي شهده العرب أواخر الاستعمار العثماني لبلاد العرب و نشوء الحركات القومية التي نادت باستقلال العرب عن الدولة العثمانية التي حكمتنا 400 عام تحت مسمى الخلافة العثمانية , عاش العرب خلالها أقسى سنوات تاريخ هذه الأمة و انتهت بإعدام القوميين الأحرار في كل من دمشق و بيروت , فغادرنا العثمانيون و حل محلهم استعمارا مباشرا من الدول الغربية , كفرنسا و بريطانيا , يقتسمون بلادنا كورثة الوالد فيأتينا الفرنسيون و يأتي مصر الانكليز و المغرب يأتيها الايطاليون و الأسبان , فيقوم الانكليز بتسليم فلسطين الى شذاذ الآفاق الصهاينة وفقا لوعد بلفور , الذي أعطى مالا يملك , لمن لا يستحق, و ليعمل المستعمر الجديد ما فعله أسلافه من نهب لخيراتنا و إرهاقا لشعوبنا و بعدا عن وحدة رجوناها بعد خروج الاحتلال العثماني .

لم ييأس القوميون العرب و لم يستكينوا , فقدمنا الدماء الطاهرة في محراب الاستقلال , وحصلنا عليه بعد جهد , و لكننا بقينا أمة ممزقة , وصل الى حكم دولها , البرجوازية العميلة للمستعمر, و التي أصبحت أدوات للمستعمر في نهب خيراتنا , و تعطيل وحدة منشودة تتوق اليها نفوس العرب جميعا .

وبعد أن تفجرت صحراءنا العربية بالذهب الأسود … أصبح ليلنا أكثر حلكة , فبدلا من أن يعم الخير باستثمار هذه الثروة الدفينة في أرضنا, عم الجهل و التخلف و أصبحنا مرة أخرى هدفا للاستعمار بأشكاله القديم و الحديث و أصبح هدف الوحدة أبعد من أي وقت مضى , و تم تدمير العراق لسرقة النفط و تدمير ليبيا و محاولة تدمير كل ما من شأنه رفع قدرة العرب على المواجهة, فكان اجتثاث البعث في العراق و تدمير جيشه و محاولة اجتثاث البعث في سوريا و تدمير الجيش السوري العقائدي في محاولة لتفكيك كل البنى العلمانية في المنطقة و زرع بنى دينية رجعية أساءت الى الدين و الوطن برجعيتها و تخلفها عبر زرع مفاهيم إعادة دولة الخلافة , التي عفا عليها الزمن و تجاوزها التاريخ و زرع الاسلام السياسي بديلا عن الفكرة القومية لتعميق إحساس المواطن العربي أينما كان باستحالة فكرة الوحدة على أساس قومي و زجه بالمزيد من الاحباط و اليأس .

لذلك و باعتقادي إن أكثر فكرة ترعب المستعمرين هي فكرة الوحدة لذلك كان شعارهم و عملهم طوال هذا التاريخ هو ” فرق … تسد ”

وفي بداية الأزمة السورية قام المنظرون لها بزرع فكرة اتهام حزب البعث العربي الاشتراكي , هذا الحزب القومي العربي العلماني, مسؤولية الفساد و التخريب وتحميله أسباب هذه الازمة التي ندرك جميعا أنها مؤامرة خارجية و إن من أول أهدافها هي تفتيت هذا الحزب و تدميره , تمهيدا لتفتيت سوريا و تقسيمها على أسس عرقية و طائفية .

و ان الأيدي المجرمة التي قضت على أول محاولة وحدوية بين مصر و سورية , هي نفسها التي تحاول اليوم زرع الشقاق بين سورية و مصر و التي انتهت أحلامها بسقوط حكم عصابة الأخوان المسلمين العميلة في مصر و عدم نجاحهم في تفتيت سوريا , فمصر و سورية هما جناحا العروبة التي نرجو لهما القوة و التعاضد كي يطير طائر العروبة مرة أخرى من تحت الرماد .
 



  عدد المشاهدات: 1578

إرسال لصديق

طباعة
شارك برأيك

الاشتراك بالقوائم البريدية
البريدالإلكتروني: