الأمل بالعمل



الأكثر زيارة
 الصفحة الرئيسية   الصحافة العربية و العالمية  

أردوغان يُضفي على نفسه هالة من القدسية
September 19, 2015 12:46

أردوغان يُضفي على نفسه هالة من القدسية

الكثير من العرب تغنوا بتجربة حزب العدالة والتنمية التركي بالحكم، وخاصة بشخص رئيسه رجب طيب اردوغان، وقدرة هذا الحزب على المزج بين الاسلام والديمقراطية، وتحقيق نمو اقتصادي ملحوظ، وعلاقات سياسة مستقرة مع العالم وخاصة دول الجوار، الا ان صوت هذا الغناء بدأ يخبو، بعدما ادخل اردوغان وحزبه تركيا في اتون نزاعات اضرت كثيرا بتركيا ودفعت بها الى هاوية الفوضى.
بعد نحو عقد من الزمن تحولت سياسة اردوغان من صفر مشاكل مع الجيران، الى معدلات قياسية مشاكل، بل تورط مباشر في الحرب المفروضة على سوريا، وبناء علاقات واضحة وفاضحة مع الجماعات التكفيرية، وفتح اراضي تركيا امامها للوصول الى سوريا، وتدخله السافر في الشان العراقي، والتعامل مع هذا البلد الجار بنفس طائفي كريه، والتدخل غير المبرر في الشان المصري، وتأزيم العلاقات مع هذا البلد العربي الكبير، انطلاقا من مصالح حزبية ضيقة، والدخول في مسرحية مكشوفة مع “اسرائيل”، للايحاء بوجود عداء بينه وبينها، الا انها كشفت عن علاقات اكثر من وثيقة مع هذا الكيان الغاصب لمقدسات المسلمين.
على الصعيد الداخلي، اتخذ سياسة تستهدف اعادة بعث الامبراطورية العثمانية، وهو ما اعلنه في اكثر من مناسبة، وكانت جميع تحركاته وممارساته واجراءاته ومواقفه، تشهد على سعيه للذهاب بتركيا نحو الدكتاتورية والحكم الفردي، فانتهت بانتفاضة الشعب التركي ضده من خلال صناديق الاقتراع، والتي تجسدت في الانتخابات التشريعية الأخيرة، بعد ان سحب الشعب التركي، منه ومن حزبه الأغلبية في البرلمان، فانهارت جميع احلامه في تغيير الدستور التركي وتاسيس نظام رئاسي، ينفرد من خلاله بحكم تركيا وتحقيق احلامه العثمانية، لذلك بدأ بلعبة في غاية الخطورة تمثلت عبر تخيير المواطن التركي بين الحرب والفوضى وبين التصويت لصالحه، لذلك تخلى عن عملية السلام مع الاكراد، وشن عليهم حربا شاملة، وقبل ذلك جرد جميع معارضيه من اسباب القوة، من خلال الهيمنة على القضاء والاعلام، واتهم كل معارض له بالخيانة والعمالة، فتدنت مكانة تركيا الاقتصادية، واستغل الكثير من رجال حزبه وبينهم وزراء، فترة الحكم الطويلة لحزب العدالة والتنمية، لبناء شبكات مافيا سياسية ومالية داخل النظام السياسي والاقتصادي في تركيا، فطفحت روائح الفساد حتى ازكمت الانوف، الا ان اردوغان، ما انفك يدافع عن رفاقه، ويستخدم القضاء لضرب كل صوت ينادي بالعدالة والقصاص من الفاسدين.
فضيحة بناء قصره المؤلف من 1150 غرفة، والذي انفق عليه نحو 700 مليون دولار، أكدت الحالة النفسية غير السوية لاردوغان، والتي حذرت منها شخصيات تركية معارضة، عندما اعتبرت تصرفات اردوغان، تكشف عن نزوع جامح لديه نحو الدكتاتورية والظهور بمظهر القائد الملهم والضرورة، خاصة بعد ان ربط استقرار تركيا بوجوده في سدة الحكم، ولسان حاله يقول: اما ان اكون في القمة او لا تكون تركيا.
ما حذرت منه المعارضة التركية، اخذ يتبلور يوما بعد يوم، واخر التجسيدات العملية للممارسات غير السوية لاردوغان، كانت محاولة اضفاء قدسية على شخصه، عبر سن قوانين وتجنيد القضاء ضد كل من يتعرض لشخص اردوغان بالنقد ولو بحدوده الدنيا، وكأنه “قديس” او “رمز ديني”، ففي فجر يوم الاثنين 14 ايلول سبتمبر ايام داهمت الشرطة التركية في اسطنبول مقر مجلة “نقطة”، واعتقلت مدير التحرير مراد جابان، وصادرت نسخ عددها الاخير الذي نشر على صفحته الاولى صورة مركبة لاردوغان وهو يلتقط لنفسه صورة “سيلفي” امام نعش جندي قتله الاكراد.
ونشرت صحيفة حريت نسخة من قرار نيابة اسطنبول الذي امر بمداهمة مقر نقطة ومصادرة عددها الاخير وحجب موقعها على تويتر بتهمة “اهانة الرئيس″ ونشر “دعاية ارهابية”.
وكانت المجلة شرحت، أنها استوحت مونتاج الصورة من “سيلفي” نشرتها “الغارديان” البريطانية في 2013، تظهر رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير، أمام غيمة سوداء ناجمة عن انفجار إبان حرب العراق.
وتعكس الصورة انتقادات كثيرين من معارضي اردوغان، الذين اتهموه باستغلال المواجهات بين الجيش ومقاتلي حزب العمال الكردستاني، للفوز في الانتخابات التشريعية المبكرة في الأول من نوفمبر / تشرين الثاني.
وتعقيبا على الحادث قال أنجين التاي، النائب عن المعارضة الديموقراطية الاشتراكية، ساخرا، إن “انتقاد أردوغان أصبح الجريمة الأكثر خطورة في تركيا”.
يرى الكثير من المراقبين للمشهد السياسي التركي ان حالة التخبط التي يعيشها اردوغان وحزبه، على الصعيدين الداخلي والاقليمي، هي حالة تشبه كثيرا، سلوكيات الأنظمة التي ترتد نحو الدكتاتورية، فتصطدم بشعوبها، التي تستشعر وبسرعة حالة ارتداد هذه الانظمة، وعندها يكون حساب الشعب عسيرا، فلا تملك هذه الانظمة الا الرضوخ لارادة الشعوب، او الرحيل بالوسائل الديمقراطية او الثورية، ولا نعتقد ان مصير اردوغان استثناء، ولن تنقذه سياسته في اغراق تركيا بالفوضى.
• سامي رمزي - شفقنا 



  عدد المشاهدات:

إرسال لصديق

طباعة
شارك برأيك

الاشتراك بالقوائم البريدية
البريدالإلكتروني: