الأمل بالعمل



الأكثر زيارة
 الصفحة الرئيسية   الصحافة العربية و العالمية  

النقاش : حكم الإخوان انتهى، وجنيف ٢ أنجز، وإسقاط الأسد من الماضي
July 07, 2013 01:31

كل الأخبار - الميادين نت : انتهى حكم الإخوان المسلمين في مصر قبل بلوغ عام على تولي حركتهم السلطة بوصول الرئيس محمد مرسي إلى سدة الحكم، فإن هي إلا مرحلة أريد منها أن تحرق ورقة الإخوان وصولاً لتقبل أنظمة حكم ليبرالية في المنطقة تنهي دور الإسلام السياسي"، هذا ما قاله الباحث الاستراتيجي أنيس النقاش - مدير شبكة الأمان للأبحاث الاستراتيجية - في في مستهل حديث خاص للـ "الميادين نت".

ويرى النقاش أن مفاعيل "جنيف ٢" انتهت بالتوافق الروسي - الأميركي على الحل، ولم يعد المؤتمر الدولي المذكور سوى هيكل خاو لا دور له إلا إخراج التسوية السورية إلى العلن.

أمور عديدة تناولها النقاش في حديثه، معرجاً على مستجدات المرحلة، وانكفاء الولايات المتحدة عن العالم، وتوافقها مع روسيا على تقاسم النفوذ.

النقاش: "ليس هناك من سر، فمن يقرأ ويعرف ما ورد في الوثائق الأميركية أنه في برامج الأميركي مرحلة إخوانية يجب أن تأتي إلى السلطة، ولكن لكي تفشل. وجاء في مراكز دراسات أميركية متعددة أن "دمقرطة" الإسلام تتم عن طريق إدخال الإسلام السياسي بالسلطة لكي يفشل، وبعد ذلك يقبل الناس بما لم يكونوا يقبلونه سابقا، أي بتغييب الإسلام السياسي. فيصبح المسلمون ديمقراطيين بدون إسلام سياسي أو جهادي، وضمن مفهوم أن الإسلام يصبح رأيه في العالم مثل الكاثوليكي والأرثوذكسي وما شابه . لذلك، عندما قيل أن الإخوان مخيفون، قلت أن الخوف هو على الإخوان ، وليس منهم، وهم لن يُتركوا أبدا في السلطة. والأميركيون ليسوا منزعجين مما يجري في مصر وأي بديل سيكون بديلا ليبراليا". 

ما رأيك بدور الخارج في تحريك الشارع: هل يتحرك الشارع لوحده؟ أم ترى أن عناصر التدخل الخارجي تتلاقى مع واقع الناس في الداخل؟

النقاش: "منذ البداية، أسميت التحرك في العالم العربي بـ "المرقط" أي أن فيه من كل الألوان بالمعنى السياسي. الشعب المصري عندما يتحرك، فيه من السلفي إلى الإخوان المسلمين إلى اللليبراليين المرتبطين بالأميركان. هذا من حيث الجوهر السياسي. أما من حيث الأدواتي، فالغرب ليس بريئا. اليوم لا أحد ينكر دور الإعلام والتلفزيون، وأنه هو صانع للعقول، ومحرك للرأي العام. في فترة سيطرت "الجزيرة" مثلا، ونقول استثمرت الحدث، وبمجرد سقوط نظام مبارك أسست عشرات التلفزيونات المحلية المصرية، وسحبت من "الجزيرة" الكثير من مشاهديها، لأن الصراخ على التلفزيون صار مصرياً - مصرياً، وصار المصريون مهتمون بتلفزيوناتهم...هكذا صار هناك بدائل، فالمحرك اليوم هو التلفزيونات المحلية، المصرية المعارضة للأخوان، والإعلام عنده دور أساسي في صناعة الرأي العام، وبالتالي هو ليس بريئاً، ولم يثبت أن هناك إعلاماً بريئاً ومسكيناً وحرفياً ١٠٠٪". 

التغيير إلى أين يوصل؟ هل يسهّل عقد جنيف ٢؟

النقاش: "جنيف ٢ لم يعد له جوهر. صار مجرد شكل، والتسوية جرت في سورية ويجب أن يقام لها جنيف ٢، وسيكون العنوان الأساسي التنسيق الروسي-الأميركي من أجل رسم خرائط العالم بمشاركة دولية خارج الأمم المتحدة، وبمشاركة رمزية لها، وسيكون القرار للاتفاق الروسي - الأميركي. العنوان الرئيسي لكل هذا الحراك جوهره هو الفراغ الاستراتيجي الذي أعقب الانسحاب الأميركي من المنطقة وبالتالي، كان يجب إعادة ترتيب الأوضاع لأن السياسة لا تقبل الفراغ. المتحمس والمتضرر الأساسي من عدم التوازن بالخروج الأميركي هو بعض الدول العربية وليست أميركا، لأن أميركا عندما تخرج، فوفق حساباتها، أو عندما ترى أنها غير قادرة على استمرار التمويل لمشاريعها، والحفاظ على موقعها العسكري. ولكن حلفاءها في المنطقة، والذين عملوا معها طوال هذه الفترة، سيكونون ميتمين، وهم المتضررون الأكثر. ولذلك كان رأيي منذ البداية أن رأس الحربة في كل هذه الهجمة التي نشهدها، والمحرك الأساسي هو دول عربية وإقليمية قبل أن تكون أميركا، رغم أن أميركا مستفيدة تماما. انضم إلى هذا الحراك الدول التي أعطت وعودا كثيرة براقة أنها قادرة على قلب الموازين، وتغيير النظام في سورية بسرعة، وعلى السيطرة على المنطقة، وإعادة حتى الموازين بالعراق لتكون لصالحها. ضمن هذه الوعود أدخلوا تركيا معهم في هذا الصراع، وهي لم تكن بوارد أن تدخل. ظنوا أنهم سيستفيدون أكثر بدخولها ... بعد سنتين أصبح من الواضح أن الحسابات غير صحيحة، وأن الأمور قد تفلت بأكثر من اتجاه ليس لصالح الولايات المتحدة، لأن الولايات المتحدة، والأهم وقبل كل شيء، عندها تفاهم استراتيجي مع روسيا على أساس أن تكونا شريكتين في إدارة العالم، وليس على الشرق الأوسط فقط. والتزمت الولايات المتحدة الأميركية أن لا تدير العالم لوحدها، وذلك ليس منة أو أخلاقا، بل لأن هزيمتها تفرض ذلك. والآن هي تحتاج للصين في بعض الملفات، وتحتاج لروسيا بملفات أخرى. تحت هذا العنوان، هي مضطرة أن تتعامل مع روسيا ضمن خطوط حمر بحيث أن لا تفلت الأمور في المنطقة تحت أي سبب، وتحت سقف المصالح المشتركة. الخطر الثاني أن تعم الفوضى والحروب في المنطقة، وتصبح سورية هي صومال أو أفغانستان جديدة. وبالتالي لن تبقى هنالك لا مصالح غربية، ولا مصالح روسية، ولا سواها".

لذلك "إن الولايات المتحدة لا تريد أن تنخرط أكثر في الساحات المختلفة، والتصريح عن الرغبة بتسليح المعارضة السورية ما هو إلا نوع من جذب المعارضة السياسية من أجل إدخالها في جنيف ٢، وإعادة رفع السقف للتفاوض مع حلفائهم أكثر مما هو للتفاوض مع الروس. الدول الأخرى كقطر والسعودية تجد أنه كلما ابتعدت أميركا عن الساحة صارت أعباؤهم أكبر، وكلفة الحروب أكثر خصوصا مع الصمود السوري". 

ماذا عن تغيير سياسة قطر في ضوء التغييرات الحاصلة؟

النقاش: " أنا لا أرى بتغيير الحكم في قطر ما بين الأب وابنه، إلا تغيير سياسات وليست مسألة مرض. هناك سياسة ستتغير. وثمة معلومات أن الإيرانيين وجهوا إنذارا كبيرا لأن الوضع لم يعد مقبولا بوجود هذه الوجوه، ولم يعد أي من الحكام القطريين مقبولا، خصوصا أن أمام الحاكم القطري الالتقاء بمسؤولين إيرانيين، لينسقوا، او يتعاملوا مع بعض، وسيكون ذلك متعذرا مع الحكام السابقين بعد أن كشفت إيران شبكات تخريب قطرية تعمل عندها". 


هل سيعاد النظر بسايكس بيكو في ضوء كل هذه التطورات؟

النقاش: "هناك يالطا جديدة في العالم، وهي توزيع نفوذ وليس تقسيم خرائط. شرق البحر المتوسط هو للروس الذين وضعوا أساطيلهم فيه، والأسطول الأميركي لم يتحرك. كما أن الروس، من جهة ثانية، يريدون إرجاع كل دول الاتحاد السوفياتي السابق لإقامة ما يشبه "الكومنولث" الروسي، وتبقى لهذه الدول استقلالية شكلية كأوستراليا ونيوزيلندا".

"الرأي الأخير لـ (رئيس الولايات المتحدة الأميركية باراك) أوباما أنه لن تكون الولايات المتحدة الأميركية قوية إلا إذا اهتمت بداخلها. لذلك هو سيخسر أقل ما يمكن لكي يهتم بالداخل لكي يظل قويا. وإذا استمر في الخارج، فسيستمر استنزاف الجيوش والأموال، وسيضعف في الداخل أكثر، وتكون النتيجة تقسيم الولايات المتحدة. لذلك، هدف أوباما الاستراتيجي عدم تقسيم الولايات المتحدة، وإبقائها تحت عنوان "دولة عظمى" في العالم، وليس الأعظم طبعا". 

كيف تصف السيطرة الدولية على مناطق التقاسم في العالم؟ هل ستكون مباشرة أم غير مباشرة؟

النقاش: "السيطرة ستكون بالنفوذ وليس بالحضور المباشر. ما يهم الروسي حاليا أن لا تكون المنطقة شوكة في خاصرته، ويهمه أن يخرج منها الإسلام السياسي كي لا يتمدد إلى الجمهوريات الإسلامية، ويهدد بتفكيك روسيا الفدرالية، والصين تأخذ الأمور بنفس عين الاعتبار، فقد وقعت فيها أحداث مع المسلمين مؤخرا. فروسيا والصين لا تريدان أن يكون الإسلام السياسي شوكة في خاصرتيهما. بالنسبة لروسيا النفوذ بالنسبة لها هو الحصول على الغاز الموجود في المنطقة لأن سوق الغاز لها وليس لأحد آخر في العالم. الجانب الآخر من النفوذ - الأمني والسياسي وغيره - ستتفاهم عليه القوى الاقليمية، وسيكون التنسيق بين تركيا وإيران. ليس هناك سايكس بيكو جديد يمعنى أن تنقسم الخرائط إلى أصغر أو أكبر".


أي شكل لمستقبل المنطقة إذا؟

النقاش: "ما أراه كمشروع هو الكونفدرالية المشرقية. والمنطقة لكي تنقذ نفسها، وتخرج من الهويات الفرعية التي تتقاتل في ما بينها، يجب أن تذهب إلى فضاء رحب جديد، وهوية جديدة وواعية. وهي مطروحة، ويجري التداول بها في المستويات السياسية الإقليمية. وإلا فما هو الحل للمنطقة؟ مجلس تعاون؟ أم وحدة بين بلدين؟ هناك من طرح توحيد سورية والعراق. كان هناك مشروع رباعي أردن - لبنان- سورية - العراق، كان موجودا، وكان البدء بتنفيذه سيبدأ نحو شهر أو اثنين قبل انفجار ما يسمى "الربيع العربي". ومن مقتضياته، إلغاء تأشيرات الدخول بين هذه الدول، وإقامة مشاريع اقتصادية كبيرة. الاقتصاد يحتاج لأمن ومن هذا المنطلق، يمكن إقامة كونفدرالية. لن يتم تغيير الخرائط، وتبقى الدول كما هي، ولكن بالسياسة الخارجية، تنسق في ما بينها، وكذلك بالأمن الخارجي، وبالاقتصاد. بذلك يمكن أن تنقذ المنطقة، وتعيش في رفاهية واستقرار، وتعيد الروح إلى حضارتها. 

في هذا المنظور، بقيت قضية فلسطين من دون حل. كيف ترى الحل؟


النقاش: "الأميركيون ما فتئوا يقولون أنهم قبل الخروج من المنطقة، لن يتركوا الأوضاع تتفجر، لأنهم يريدون أن يخرجوا واسرائيل محمية من الخطر. واسرائيل لا تزال "معندة" في موقفها ولم تفهم أن حمايتها هي فقط بالتسوية السياسية. الأميركيون يسعون بجهد كبير، بحسب نظرية جون كيري، توصلا لتسوية. باعتقادي أنه "سيدق راسه بالحائط"، وإسرائيل ليست متجهة إلى تسوية. لكن مصير إسرائيل محسوم وقدرها معروف. ولذلك سيتعب لكن من دون أن يصل إلى نتيجة". 

إلى اين الأزمة السورية؟

النقاش: "لن تنتهي في الأشهر القليلة القادمة. تنتهي الأحداث في سورية بطريقة من اثنتين، إما بانفجار كبير يحدث في المنطقة فتذوب المسألة السورية في ذلك الحدث الكبير، أو بعد فترة أطول من سنة أو اثنتين، لكن بالأشهر القادمة سيثبت أن إسقاط النظام صار وراءنا. منذ شهرين أسميت القتال السوري بالقتال العبثي. القتال يجري لكن الموضوع انتهى، القرار الدولي والاقليمي لا يطرح إسقاط النظام، والوقائع على الأرض لا توحي بإسقاط النظام. المسألة السورية أصبحت مسألة وقت لكن مقولة إسقاط النظام اصبحت وراءنا، والقتال الجاري قتال عبثي من دون رؤية سياسية".

.. "من غير المستبعد بقاء الأسد في السلطة لولاية جديدة إذا ترشح في الانتخابات، وظهر أنه بطل قومي أنقذ سورية من التقسيم، ومن أن تقع بأيدي الخليجيين، وأيدي أميركا، وسيكون شريكاً في معركة تحرير فلسطين، لأنه ساعتئذ ستفتح جبهة الجولان، وسيعود ليأخذ دوره القومي الوطني أقوى من السابق".




  عدد المشاهدات: 835

إرسال لصديق

طباعة
شارك برأيك

الاشتراك بالقوائم البريدية
البريدالإلكتروني: