الأمل بالعمل



الأكثر زيارة
 الصفحة الرئيسية   الصحافة العربية و العالمية  

أردوغان يريد إنقاذ الليرة التركية على حساب روسيا
December 13, 2016 12:07

أردوغان يريد إنقاذ الليرة التركية على حساب روسيا

رأت صحيفة "فزغلياد" أن دعوة تركيا إلى التبادل التجاري مع روسيا بعملتي البلدين الوطنيتين هي محاولة من أنقرة لإنقاذ الليرة التركية.

جاء في المقال:

في حال موافقة موسكو على فكرة أنقرة تحويل التجارة بين البلدين إلى العملة الوطنية، فإن ذلك سيمثل طوق نجاة لليرة التركية، التي تمر الآن بأوقات صعبة.

"لقد تم طي صفحة صعبة في العلاقات مع تركيا" ـ هذا ما قاله رئيس الوزراء الروسي دميتري مدفيديف لدى لقائه نظيره التركي بن علي يلدريم في موسكو قبل أيام، وأنقرة وافقت على هذا الطرح. وعلاوة على ذلك، دعا الجانب التركي ومن دون إبطاء إلى إجراء التعاملات المالية بين الدولتين بالعملات المحلية. وعلى العموم، تؤيد موسكو هذا النهج، ولكن الأتراك هذه المرة كانوا هم الأكثر حاجة إلى ذلك.

وكان أردوغان قد قال في إسطنبول قبيل زيارة رئيس وزرائه إلى موسكو: "اقترحت على بوتين ما يلي: دعونا نحول التعامل التجاري فيما بيننا إلى العملات المحلية. سأدفع ثمن كل ما أشتريه من عندكم بالروبل، وأنتم تدفعون ثمن كل ما تشتروه من عندي بالليرة التركية". وكبادرة أولية من جانبها، سددت أنقرة المصاريف المتعلقة برحلة يلدريم إلى موسكو كافة بالروبل الروسي.

وفي الوقت نفسه، أدلى أردوغان بسلسلة من التصريحات المخصصة للجمهور المحلي، والمضطرب جدا بسبب انخفاض قيمة الليرة مقابل الدولار، والتي بدأت مرحلة انخفاضها من جديد منذ الصيف الماضي على خلفية محاولة الانقلاب الفاشلة. إذ سجلت العملة التركية 3.08 ليرات مقابل الدولار، وتراوحت بعد ذلك بمستوى ما بين 3 - 3.2 ليرات للدولار الواحد. وفي نوفمبر/ تشرين الثاني، خسرت الليرة التركية 11% من قيمتها دفعة واحدة، هذا على الرغم من التراجع النسبي الذي سجله الدولار مقابل اليورو. وفي الوقت الراهن، استقرت العملة التركية على مستوى 3.52 مقابل الدولار ويعدُّ هذا - الحد التاريخي الأدنى لها.

وإزاء هذا الوضع، خاطب أردوغان الأمة التركية وطلب مؤازرتها، وحثها على إخراج العملة الصعبة الموجودة لديها تحت الوسادة واستبدالها بالذهب والليرة التركية، وقال: "لنتضافر من أجل دعم القيم الوطنية. وإن هذا سيكون جوابنا ضد محاولات الضغط على تركيا، ولا تقلقوا فلن تخسروا"، كما جاء في نصيحة الرئيس التركي إلى شعبه. لكنه تغاضى عن فقد الليرة قيمتها بما يقارب ثلاث مرات خلال الأعوام الأخيرة، منذ أن كان سعر صرف الليرة عام 2008 يعادل 1.2 مقابل الدولار.

وقد شكل ارتفاع سعر النفط، الذي تضطر تركيا إلى استيراده، عاملا مباشرا في الانخفاض الجديد لقيمة الليرة التركية، حيث ازداد سعر برميل مزيج برنت 10 دولارات خلال الفترة الأخيرة. ومع ذلك، لم يكن النفط هو العامل الوحيد في عملية الانخفاض هذه، بل إن طبيعة الاقتصاد التركي بحد ذاتها لعبت دائما دورا حافزا، وتركيا تدفع الآن ثمن سنوات الازدهار الاقتصادي الذي يربطه البعض باسم أردوغان.

فتركيا، وعلى مدى سنين طويلة من الزمن تعاني من عجز تجاري مزمن (بلغ في العام الماضي 63.27 مليار دولار). ويحاول الأتراك تقليصه عبر زيادة التصدير. وإذا كانت قيمة الصادرات في عام 2004 (أي بعد عام واحد من وصول أردوغان إلى السلطة) 50 مليار دولار، ففي عام 2015 بلغت قيمتها 144 مليار دولار، وعادة ما يشكل انخفاض قيمة العملة المحلية حافزا مشجعا للمصدرين. ولكن هذا الازدهار التركي كان له جانبه السلبي في الارتفاع الحاد لعبء الديون على الشركات المستدينة. ووفقا لمعطيات وكالة "بلومبيرغ" الدولية للأنباء والبنك المركزي التركي، فقد نمت مستحقات الديون على القطاع غير المالي بحجم ثلاث مرات منذ نهاية عام 2008 وحتى أغسطس/ آب من العام الجاري. أي من 70 إلى 210 مليارات دولار، ما شكل ضغطا على الليرة التركية.

كما شكل خلاف تركيا مع روسيا ضربة خطيرة للاقتصاد التركي، والذي أدى إلى تقليص الصادرات وانخفاض عائدات النقد الأجنبي المباشر. في بداية هذا العام، أشارت التوقعات إلى تراجع الصادرات التركية دفعة واحدة إلى 7 مليارات دولار. وبالإضافة الى كل ذلك، تسارع التضخم: وبلغ في شهر يوليو/ تموز الماضي 1.16%، في حين أنه كان على مستوى 0.78% بين أبريل/ يوليو.

وإضافة إلى عمليات المضاربة ولجوء عدد كبير من الأتراك إلى شراء العملات الأجنبية في ظل انخفاض حاد للعملة المحلية، كان للعوامل السياسية الداخلية دورها، وخاصة المقترحات التي رفعت إلى البرلمان للمناقشة لتحويل تركيا إلى جمهورية رئاسية؛ ما أثار استياء خطيرا لدى المعارضة التركية.

وعلى خلفية الوضع الصعب الذي يمر به الاقتصاد التركي، يبدو اقتراح أردوغان على روسيا كمحاولة أخرى لإنقاذ الليرة التركية، ورفع مكانتها الدولية. وبالإضافة إلى ذلك، قدم أردوغان اقتراحات مماثلة إلى الصين وإيران؛ ما يكشف عن نيته الانضمام إلى منظمة شنغهاي للتعاون.

ووفقا لأستاذ المدرسة العليا للاقتصاد بافل راديكين، فإن من الممكن النظر إلى مبادرة أردوغان من زاوية التأثير الدعائي الموجه نحو الاستهلاك المحلي، وكذلك من حيث تحسين العلاقات بين أنقره وموسكو.  



  عدد المشاهدات:

إرسال لصديق

طباعة
شارك برأيك

الاشتراك بالقوائم البريدية
البريدالإلكتروني: