الأمل بالعمل



الأكثر زيارة
 الصفحة الرئيسية   الصحافة العربية و العالمية  

ضد التقارب
December 21, 2016 14:06

ضد التقارب

نشرت صحيفة "إيزفيستيا" مقالا كتبه الدبلوماسي أندريه باكلانوف عمن هو المستفيد من قتل السفير الروسي لدى تركيا.

كتب الدبلوماسي باكلانوف:

ان جريمة القتل الشريرة التي أودت بحياة السفير الروسي لدى تركيا أندريه كارلوف، هي عملية إرهابية "رمزية" كبيرة، تشير المعلومات الواردة، إلى أنها نفذت بهدف إعاقة تقارب المواقف الروسية والتركية بشأن محاربة الإرهاب.

وقد نُفذت العملية مباشرة بعد أول تقارب في موقف الجانبين بشأن الأوضاع في حلب واقتراح أستانا مكانا لإجراء حوار لتسوية الأزمة السورية. ويبدو أن الإرهابيين توصلوا إلى استنتاج مفاده أن التقارب الروسي-التركي سيستطيع توجيه ضربة قوية إلى مواقف "داعش" والمنظمات المتطرفة الأخرى. لذلك، فإن الرد على هذه الجريمة يجب أن يكون واحدا – تنفيذ الأمر الذي يخافه الإرهابيون، وهو العمل على تقريب مواقف البلدين ومواقف الدول الأخرى في محاربة الإرهاب.

اليوم نسمع كلمات تعرب عن الحزن والتعاطف من مختلف العواصم في العالم بما فيها العواصم الغربية. ونحن إذ نشكرهم على هذا الشعور، فإننا نعتقد أن التضامن يجب أن يعزَّز بعمل محدد. ولكننا مع الأسف لم نلاحظ مثل هذا الأمر، بل على العكس، لا يتخلى ساسة الغرب عن سياسة العقوبات ضد روسيا. فهل يمكن التعامل مع الحلفاء بهذه الصورة؟

لقد أعادت الولايات المتحدة وبريطانيا النظر في مواقفهما من الاتحاد السوفييتي خلال الحرب العالمية الثانية وقدمتا له مساعدات كبيرة في حربه ضد الفاشية. والمطلوب من البلدان الغربية اليوم هو ببساطة التعامل بصدق مع روسيا، وخاصة أن التقارب معها أمر موضوعي في مواجهة الإرهاب حتى على أراضي الدول الغربية.

ويجب في البداية إعادة العمل بأشكال التعاون التي تم التوصل إليها سابقا في بداية القرن الحالي، كلجان العمل المشتركة لمكافحة الإرهاب، لقاء سفراء روسيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وبلدان أخرى في مختلف البلدان لغرض تبادل الآراء والمعلومات حول التهديدات الإرهابية والمواطنين.

هذا، ويحتل الشرق الأوسط مكانا خاصا في خطط الإرهابيين. وهنا تجري أكبر وأوسع المواجهات مع المجموعات الإرهابية، وفي هذه المنطقة ينشط تنظيم "داعش"، ومن هذه المنطقة يحصل على الدعم المالي والبشري.

وفي ضوء ذلك، سيكون من الضروري العودة إلى شكل مفيد من التفاعل بين بلدان الشرق الأوسط الرئيسة والدول الكبرى في العالم، الذي شُكل بموجب مقترح مصر عام 1996. حينها عقدت قمة "قوات حفظ السلام" في شرم الشيخ بمشاركة روسيا والولايات المتحدة والبلدان العربية والأوروبية. لقد تم من خلال التنسيق في العمل تخفيض النشاط الإرهابي بصورة ملموسة.

ولكن هذا الشكل من التفاعل لم يستمر طويلا نتيجة سلوك الولايات المتحدة وعدد من الدول الأوروبية، حيث تلا ذلك إسقاط أنظمة كما حصل في العراق وليبيا وثورات ملونة في بلدان أخرى. ونتائج هذا السلوك يعبر عنه التوسع الكبير للمنظمات الإرهابية وظهور "داعش" وغيره.

والأمر الآخر، الذي يتطلب اتخاذ إجراءات سريعة، هو وجود مجموعتين في قيادة "الإرهاب الدولي" في السنوات الأخيرة، ذات تصورات مختلفة حول الاستراتيجية المثالية.

المجموعة الأولى دعت إلى انشاء "الخلافة"، لتكون المكان الذي يتجمع فيه العناصر المتطرفة من مختلف بلدان العالم.

أما المجموعة الثانية، فتعتقد أن من الأفضل نشر وتوزيع الوسائل والإمكانات على مساحة شاسعة تضم 80 دولة لتكون محل نشاطها الإرهابي.

كما أن المجموعة الأولى تتحدث عن إمكانية استخدام موارد النفط وسرقة الآثار وغيرها في نشاطها، في حين تشير الثانية إلى أنه بنتيجة التخويف الدوري المنتظم قد يجبر الأشخاص والمؤسسات على دفع المبالغ المطلوبة (جزية) لكيلا يكونوا هدفا للإرهابيين.

بيد أنه بعد الهزائم التي لحقت بتنظيم "داعش" في سوريا، تعزز موقف الذين يدعون إلى نشر العناصر الإرهابية في العالم والقيام بعمليات إرهابية "استعراضية" في بلدان مختلفة. وهذا اتجاه خطير جدا، لأن عديد الإرهابيين في العالم يقدر بأكثر من 100 ألف شخص.

وختاما: أعتقد أن المأساة الأخيرة سوف تؤثر إيجابيا في شركائنا في النهاية والاتفاق بشأن العمل ضد الإرهابيين. لقد تكبدنا خسارة كبيرة. فقد سبق أن قُتل رجال الأمن وعسكريون ومواطنون بسطاء. والآن قُتل رفيقي الدبلوماسي. أنا واثق من أن واجبنا الأخلاقي يحتم علينا الانتصار على الإرهاب، كما انتصرنا على الفاشية. 



  عدد المشاهدات:

إرسال لصديق

طباعة
شارك برأيك

الاشتراك بالقوائم البريدية
البريدالإلكتروني: