الأمل بالعمل



الأكثر زيارة
 الصفحة الرئيسية   الصحافة العربية و العالمية  

فضحُ الكونغرس الأمريكي كمكان يباع فيه كل شيء
April 21, 2017 13:52

فضحُ الكونغرس الأمريكي كمكان يباع فيه كل شيء

تناولت صحيفة "فزغلياد" كتابا يفضح بالأرقام عمليات الفساد في قلعة الديمقراطية العالمية مشيرة إلى أن الفساد تحت ستار نشاط اللوبي تقليدا محترما في بلدان الديمقراطية الأنغلو–ساكسونية.

جاء في المقال:

"تجفيف المستنقع - فساد واشنطن أسوأ مما تصورتم" – هكذا سمى كتابه عضو الكونغرس الأمريكي كين باك الزاخر بالتفاصيل المبهرجة عن حياة قيادة الحزب الجمهوري وإدارة الكونغرس الأمريكي. وتسمية "المستنقع" اقتبسها الكاتب من خطاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. وكلما تعمقتَ أكثر في قراءة هذا الكتاب، الذي يرسم لوحة فنية للفساد في الهيئة التشريعية الأعلى في الولايات المتحدة، تيقنت أكثر أن "تجفيف المستنقع" سيكون صعبا جدا، إن لم يكن مستحيلا.

كين باك البالغ من العمر 58 عاما يمثل ولاية كولورادو الليبرالية، لكنه يعدُّ محافظا خارجا عن النظام، ويشبه في حاله دونالد ترامب. وهو قريب من "حزب الشاي"، يعارض الإجهاض، ويكره "تحول أمريكا نحو اليسار"، ويعتقد أن المشكلة الرئيسة للولايات المتحدة تكمن في ديون الحكومة الضخمة.

وفي عام 2009، قرر باك ترشيح نفسه إلى عضوية مجلس الشيوخ عن الجمهوريين، ولكن قيادة الحزب لم تأخذ ذلك على محمل الجد، ونظرت إليه وإلى زملائه كـ "عصابة أشخاص غير معروفين تعاني نقصا في التمويل".

وقد اصطدم باك لأول مرة في الانتخابات التمهيدية بحقيقة، وصفها لاحقا في كتابه بأنها القضية السياسية الرئيسة في الولايات المتحدة، حيث إن "الصراع الرئيس لا يدور بين الأحزاب، بل داخل الأحزاب". وقد وظفت زعامة الحزب الجمهوري نصف مليون دولار في ترشيح جين نورثون منافسة كين باك الرئيسة، ولكنه خلافا للتوقعات فاز ولو بهامش ضئيل. ودفع الجمهوريون 300 ألف دولار إضافية من أجل إعادة فرز الأصوات، ولم يتمكنوا من تثبيت قدم جين نورثون. ولكن نتيجة كل ذلك كانت أن باك لم يصبح عضوا في مجلس الشيوخ، إذ خسر أمام مرشح الحزب الديمقراطي، وبعد ذلك، بقي يحمل ضغينة تجاه زعامة الحزب الجمهوري الذين "أغرقوه" في الانتخابات الداخلية للحزب.

وفي عام 2014، تمكن باك من الفوز في انتخابات مجلس النواب. وهناك في الكونغرس، كان ينتظره الكثير من الاكتشافات. وعلى سبيل المثال، علم عضو الكونغرس الحديث العهد أن النواب في لجان الكونغرس لا يُختارون وفقا للمؤهلات والخبرة، بل بحجم المال الذي يمكنهم جمعه وتسليمه إلى زعامة الحزب. وكلما جمعت من المال أكثر، كان مقعدك أكثر دفئا.

وتنقسم لجان الكونغرس كافة إلى فئات "أ، ب، ت" إلخ، اعتمادا على مدى استقطابها للمال. فمثلا، تم جمع اللجان الأكثر جذبا للمال في الفئة "أ" مثل لجنة المخصصات، لجنة الطاقة والتجارة، ولجنة الخدمات المالية وغيرها.

وعضو الكونغرس المعين حديثا عن الحزب الجمهوري في لجنة من فئة "ب" أو "ت" يجب عليه أن يدفع إلى زعامة الحزب، أو على نحو أدق إلى اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري في الكونغرس، مبلغ 110 آلاف دولار سنويا. ومع مرور الوقت، وبعد ازدياد الخبرة، يزداد حجم الدفع. وتصل دفعات الأعضاء في لجان الفئة "أ" إلى أكثر من 450 ألف دولار سنويا.

ويورد كين باك قائمة كاملة لأسعار الوظائف في قلعة الديمقراطية العالمية. فمن أجل أن تصبح رئيس لجنة في الكونغرس من الفئة "ب" تحتاج إلى دفع 875 ألف دولار. بينما يبلغ ثمن الوظيفة نفسها في لجان الفئة "أ" 1.2 مليون دولار. ويجب أن يدفع سنويا مساعد المنظم البرلماني الجديد ( ديبيوتي ويب) 2.5 مليون دولار ثمنا لهذا المقعد. في حين يدفع المنظم (ويب) 5 ملايين دولار، وزعيم الغالبية 10 ملايين دولار. أما وظيفة المتحدث باسم الكونغرس فيبلغ ثمنها 20 مليون دولار، وفق التسعيرة التي أوردها باك.

ومعظم هذه "التبرعات" لا يأتي بها أعضاء الكونغرس من جيوبهم الخاصة، فـ "الكثيرون منهم يقضون نصف أوقات عملهم في جمع "التبرعات"، كما يؤكد باك، أو بمعنى آخر في اجتذاب الموارد من الخارج، من ممثلي الاحتكارات والشركات التجارية التي لها مصلحة حيوية في نشاط هذه اللجان.

ويفضح الجمهوري باك بمهارة الفساد لدى زعامة الحزب الجمهوري. ومع ذلك، ليس هناك ما يدعو إلى الاعتقاد بأن سلوك الديمقراطيين في واشنطن يختلف كثيرا. ويعود السبب في ضآلة فضائح الحزب الديمقراطي في مجال الفساد مقارنة بالحزب الجمهوري المنافس، إلى أن الأول يتحكم بوسائل الإعلام الأمريكية بقدر كاف. وتكفي هنا الإشارة إلى أن بعض الغيارى لا يزالون يحققون في احتيالات مؤسسة كلينتون الخيرية على الرغم من أن غالبية هذه التحقيقات تنتهي إلى لا شيء.

هذا، وظهر كتاب "تجفيف المستنقع" في سوق المبيعات الأسبوع الماضي، ونشرت بعض وسائل الإعلام مقتطفات منه. وبدأت تنتشر تعليقات مستخدمي الإنترنت، التي تعرب عن التذمر: "الحرب الثورية – هي الوحيدة القادرة على تحقيق العدالة".

وعلى العموم، فالبلد الذي يستعرض نفسه في العالم كنموذج للأخلاق والديمقراطية، لم يعط بعد "مستنقع" واشنطن حقه أو اهتماما كافيا. في حين أن نشر "قائمة أسعار" كهذه، كان من الممكن أن تؤدي الى أزمة سياسية واسعة النطاق في أي بلد آخر.

إن كتاب كين بوك - دليل واضح على أن الفساد في بلدان الديمقراطية الأنغلو–ساكسونية، والذي يستشري (تحت اسم جميل هو نشاط اللوبي أو مجموعات الضغط)، هو أحد أركان المجتمع. والتعدي عليه يعني الاعتداء على النظام السائد، حيث إن السلطة والبزنس توأمان والارتباط بينهما تحكمه علاقة جدلية. أما الناخب البسيط فلا مكان له.

كذلك بالنسبة إلى البلدان التابعة الأخرى، حيث يستخدم موضوع الفساد بوصفه عنصرا من عناصر السيطرة الخارجية، والأمريكيون مستعدون لحرق هذا الفساد بصواريخ "توماهوك"، في حين لا يرون ما هو أمام أعينهم في بلادهم. 



  عدد المشاهدات:

إرسال لصديق

طباعة
شارك برأيك

الاشتراك بالقوائم البريدية
البريدالإلكتروني: