الأمل بالعمل



الأكثر زيارة
 الصفحة الرئيسية   الصحافة العربية و العالمية  

نهاية التحالف الاستراتيجي الأمريكي- السعودي؟!....إيشا تايمز
October 14, 2013 05:16

 

بمقدور كل إنسان عاقل أن يستوعبَ إمكانية هدم “جدار الشك” القائم منذ 34 سنة بين واشنطن وطهران لمصلحة الطرفين.
وهذه بعض المنافع:

* هبوط أسعار النفط والغاز من الخليج العربي؛
* يمكن لواشنطن وطهران أن تدخلا في شراكة لمحاربة الجهاديين/السلفيين (وقد فعلتا ذلك مسبقاً, على كل حال, مباشرة بعد 9/11) إضافة إلى تنسيق سياستيهما في أفغانستان للسيطرة على تحركات طالبان بعد سنة 2014؛
* لإيران والولايات المتحدة المصالح نفسها في سوريا؛ إذ لا تريد أي منهما الفوضى أو احتمال سيطرة المتطرفين الإسلامويين على البلاد. ومن شأن النتيجة المثالية أن توازنَ النفوذ الإيراني مع اتفاقية تشارك السلطة بين حكومة بشار الأسد والمعارضة العاقلة غير المسلحة (وهي موجودة, لكنها مهمشة في الوقت الحاضر)؛
* في حال الإقلاع عن لغة تغيير النظام ورفع العقوبات, ستكون هناك آفاق واسعة للتجارة والاستثمار وخيارات الطاقة بالنسبة إلى الغرب, وخاصة أوروبا (تشكل إيران الطريق الأفضل للأوروبيين لتخفيف اعتمادهم على شركة “غازبروم” الروسية)؛
* من شأن حل للملف النووي أن يسمح لإيران بالاستخدام المدني للطاقة النووية كمورد بديل لصناعتها, مما يدفعها إلى تصدير المزيد من النفط والغاز؛
* من الناحية الجيوسياسية, وبما أن إيران تلعب دوراً رئيسياً في جنوب غرب آسيا, يمكن للولايات المتحدة أن تتخلصَ من عقيدتها الاستراتيجية التي اختارتها في الاعتماد على المحور السعودي- الإسرائيلي. كما سيكون بمقدور واشنطن التحرك نحو آسيا بشكل فعلي, وليس عبر الوسائل العسكرية.
“وهنا تكمن المشكلة” [كما يقول هاملت]. فالكل يعرف لماذا سيحارب اليمين الإسرائيلي أي اتفاق أمريكي- إسرائيلي وكأنه الطاعون – فمقولة أن إيران تشكل “تهديداً وجودياً” هي الذريعة المثالية لحرف النقاش عن المسألة الحقيقية: احتلال فلسطين ونظام التمييز العنصري المفروض عليها.
أما بالنسبة إلى آل سعود, فإن مثل هذه الاتفاقية ستشكل نوعاً من “القيامة الآن”.
أنا مجرد قاتل معتدل
يبدأ الأمر في سوريا. والجميع يعرف الآن أن أميرَ الظل بندر بن سلطان, الملقب ببندر بوش, مسؤول بشكل كامل عن الحرب على سوريا منذ أن تم تعيينه “مدير المخابرات العامة” من قبل عمه, الملك السعودي عبد الله.
بندر لا يأخذ السجناء. أولاً قام بإخراج قطر – الممول الرئيس لما يسمى “الجيش السوري الحر” – من الصورة, بعد أن لعب دوراً هاماً في مساعدة أمير قطر, الشيخ حمد, في خلع نفسه لصالح ابنه الشيخ تميم في أواخر شهر حزيران/يونيو.
وبعد ذلك, في أواخر تموز/يونيو, ظهر بندر إلى العلن بطريقة درامية أثناء زيارته “السرية” الشهيرة الآن إلى موسكو في محاولة لابتزاز/رشوة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للتخلي عن سوريا.
من المعروف أن “سياسة” آل سعود حول سوريا تتمثل في تغيير النظام, نقطة. وهذا أمر غير قابل للتفاوض من حيث توجيه ضربة لأولئك “الكفرة” في طهران وفرض الإرادة السعودية على سوريا والعراق, وفي الحقيقة على معظم السنة في بلاد ما بين النهرين.
في أواخر أيلول/سبتمبر, دخل “جيش الإسلام” إلى الصورة. وهذا خليط من متمردي حوالي 50 كتيبة, من “المعتدلين” إلى السلفيين المتطرفين, تحت سيطرة “لواء الإسلام” الذي كان سابقاً جزأ من “الجيش السوري الحر”. وأمير الحرب المسؤول عن “جيش الإسلام” هو زهران علوش – والده عبد الله شيخ سلفي متعصب يقيم في السعودية. ويأتي الدعم من البترودولار السعودي – عبر بندر وأخيه الأمير سلمان, نائب وزير الدفاع السعودي.
إذا كان هذا يبدو إعادة ﻠ “اليقظة السنية” التي طبخها ديفيد بترايوس في العراق في سنة 2007, فهذا لأنه كذلك بالفعل؛ والفرق هنا هو أن هذه “اليقظة” الممولة من السعودية ليست موجهة لمحاربة القاعدة بل لتغيير النظام.
هذا ما يريده علوش: إحياء الخلافة الأموية (التي كانت عاصمتها دمشق), و “تطهير” دمشق من الإيرانيين و"الشيعة والعلويين". فكل هؤلاء “كفار”؛ فإما يخضعون للإسلام السلفي أو يموتون. كل من يؤول هذا الموقف على أنه “معتدل” مجنون لا محالة.
ومن باب المفارقة أن أيمن الظواهري نفسه, زعيم القاعدة, أصدر فتوى تحرم قتل الشيعة.
ومع ذلك فإن صفة “الاعتدال” المبتذلة هذه تشكل جوهر حملة العلاقات العامة الحالية التي طبخها بندر بوش؛ حيث يتم “تلطيف” أمراء الحرب الطائفيين من أمثال علوش بحيث يصبحوا مؤهلين لتلقي أكبر قدر ممكن من المساعدات الخليجية و من الغربيين الأغبياء. لكن جوهر المسألة هو أن “جيش الإسلام” لا يختلف كثيراً عن “الدولة الإسلامية في العراق والشام” (“داعش”), المظلة القاعدية التي تشكل القوة المحاربة الرئيسة في سوريا؛ حيث تتكون من مجموعة من المتعصبين المسلحين المدمنين على درجات مختلفة من المخدرات الدينية.
جنة الارتياب الهوَسي
لتعقيد الأمور أكثر, فإن الفوضى تعم آل سعود نتيجة المعركة الدائرة من أجل توارث الحكم. إن ولي العهد, الأمير سلمان, هو آخر أبناء الملك عبد العزيز, مؤسس الحكم الملكي السعودي, الذين يحاولون الوصول إلى الحكم تدريجياً حسب السن.
لكن الرهانات أصبحت أصعب بكثير مع تصارع عدد كبير من الأمراء للحصول على الجائزة الكبرى. ومن نجد هنا غير بندر بوش – الكيان الأقوى في المملكة السعودية, لأسباب عملية كثيرة, بعد خالد تويجري, رئيس ديوان الملك عبد الله. إن عبد الله التسعيني على وشك أن يواجه خالقه. والتويجري ليس جزأ من العائلة الملكية. ولذلك فإن بندر يتسابق مع الزمن. فهو بحاجة إلى “الفوز” في سوريا بمثابة بطاقة للمجد المطلق.
وهنا تدخلت الاتفاقية الروسية- الأمريكية حول الأسلحة الكيماوية. أصيب آل سعود جميعهم بالرعب, موجهين اللوم ليس فقط للمشتبهين الرئيسيين روسيا والصين, العضوين في مجلس الأمن/الأمم المتحدة, بل إلى واشنطن أيضاً. لا غرابة إذاً أن يرفض وزير الخارجية الأبدي, الأمير سعود الفيصل, إلقاء خطابه السنوي أمام الجمعية العامة في الأمم المتحدة الأسبوع الماضي. وليس من المبالغة القول إن أحداً لم يفتقده هناك.
يتضخم كابوس آل سعود عبر الارتياب الهوَسي. فبعد كل تلك الإنذارات التي وجهها الملك عبد الله لواشنطن لتقطعَ “رأس الأفعى” (إيران), كما قرأ الجميع في برقيات “ويكيليكس”؛ وبعد كل تلك التوسلات للولايات المتحدة لقصف سوريا, و إقامة منطقة حظر طيران و/أو تسليح “المتمردين” لإقامة المملكة المنتظرة, هذا ما يحصل عليه آل سعود: واشنطن وطهران في طريقهما للتوصل إلى اتفاق على حساب الرياض.
ولذلك لا عجبَ أن الخوف والكراهية والارتياب الهوسي الحاد تسيطر على آل سعود. إن آل سعود يعملون, وسيظلوا يعملون, كل ما في وسعهم لمنع لبنان من أن يصبحَ منتجاً للغاز. كما سيستمرون في إذكاء لهيب الطائفية في كافة أنحاء المنطقة, كما وثقَ توبي ماتيسن في كتابه الهام.
وسوف يستمر المحور الإسرائيلي- السعودي في التبرعم. القليل من الناس في الشرق الأوسط يعرفون أن شركة إسرائيلية – متمرسة في قمع الفلسطينيين – مسؤولة عن الأمن في مكة. فلو عرفوا ذلك – وتمت إماطة اللثام عن نفاق آل سعود وزيفهم مرة أخرى – لكانت الشوارع العربية اكتظت بالتظاهرات والاحتجاجات العنيفة.
هناك شيء أكيد: لن يتوانى بندر بوش, والمحور السعودي- الإسرائيلي, عن استخدام كامل نفوذه لتعطيل التقارب بين واشنطن وطهران. أما بالنسبة إلى “الصورة الأكبر”, يحلم “المجتمع الدولي” الحقيقي دوماً أن تتمكنَ النخب في واشنطن من رؤية الحقيقة وتفهمَ أن التحالف الاستراتيجي الأمريكي- السعودي الذي ابتدأ في سنة 1945 بين فرانكلين د. روزفلت والملك عبد العزيز ابن سعود فارغ تماماً ولا معنى له.

إيشا تايمز – ترجمة الجمل



  عدد المشاهدات: 947

إرسال لصديق

طباعة
شارك برأيك

الاشتراك بالقوائم البريدية
البريدالإلكتروني: