الأمل بالعمل



الأكثر زيارة
 الصفحة الرئيسية   مقالات  

المشهد الحسيني ومستقبل المنطقة ..بقلم : أحمد رفعت يوسف
December 26, 2013 13:14

المشهد الحسيني ومستقبل المنطقة ..بقلم : أحمد رفعت يوسف

كل الأخبار - مقالات

الموضوع طويل بعض الشيء في زمن المقالات القصيرة لكن أتمنى من الجميع قراءتها ..
وحتى لا يتهمني أحد اتهامات لست فيها لا بد من التأكيد أن ما أقوله لا ينطلق من خلفيات من أي نوع كانت وإنما أدلي به كمراقب سواء أعجبتني الأحداث أم لتعجبني لأن الأمنيات والإنشاء والأحلام ليس لها مكان في عالم الصراعات وموازين القوى ..

من أكثر المؤشرات التي رأيتها مع نهايات العام 2013 حول التحولات الاستراتيجية التي تشهدها منطقتنا والعالم عندما احتشد حوالي 20 مليون شيعي في أربعينية الإمام الحسين "عليه السلام".
وحتى نعرف دلالات هذا الرقم نقول إن عدد من ينفر إلى الحج في مكة سنوياً بين 4 – 5 مليون حاج منهم حوالي 1 مليون حاج من السعودية نفسها والمجال ليس هنا للحديث عن الجانب الديني من الموضوع وإنما للحديث عن مؤشراته السياسية.
ربما لم يأخذ هذا الحدث حقه الذي يوازي هذا الحشد لكن اجتماع هذا العدد الضخم وغير المسبوق في العالم رغم ما يشهده العراق من فلتان أمني ورغم التهديدات التي يواجهها الزوار ورغم التفجيرات التي حدثت للزوار على الطرقات ورغم أن المناسبة هي أربعين الإمام وليس استشهاده عندها نعرف أن هذا الأمر يصبح في خانة الأحداث المذهلة.
في العام 2008 كتبت افتتاحية لمجلة "سورية والعالم" قلت فيها بالحرف الواحد "المنطقة مقبلة على تغييرات دراماتيكية سينتج عنها تغييرات سياسية وجغرافية وثقافية ودينية".
ويومها سألني الكثير عن القصد من كلامي وخاصة التغيير الديني المتوقع فتمنعت عن الإجابة بما أتوقع لأنه كان يدخل حينها في باب الجنون وكان سيدخلني في جدل عقيم يحتاج لزمن لتأكيده لكنني استطيع القول الآن أن هذا المشهد المذهل هو جزء من الصورة التي كنت اقصدها.
قبل بدء وهم الربيع العربي قال ملك الأردن عبد الله الثاني جملة مهمة، طبعا ليست من بنات افكاره لأنه أصغر وأغبى من أن يعرف أكثر مما تحتويه طاولة القمار التي يعرفها عن ظهر قلب وإنما أوحيت له من أحد الشياطين ويومها حذر من "هلال شيعي يمتد من طهران إلى بغداد إلى جنوب لبنان مروراً بسورية".
وأستطيع أن أؤكد الآن بأن كلامه كان صحيحاً لأنه صادر من المراقب الذكي لما يحدث في المنطقة والذي أوحى لعبد الله بهذه الفكرة لكن هذا الكلام هو جزء من الحقيقة والجزء الأهم منها أن ما توقعه هلالاً شيعياً في وقته أصبحت أتوقعه بفضل الربيع العربي بدراً شيعياً يشمل المنطقة كلها وقد يتحول إلى درب تبانه شيعي يشمل مصر والمغرب العربي.
وحتى تكتمل الصورة أقول بأن هذه التحولات التي أراها بأم عيني والتي ستغير وجه المنطقة لم تأت من فراغ وإنما من حصيلة 35 عاماً منذ انتصار الثورة الإسلامية في إيران حيث أصبح العالم الإسلامي وشعوب المنطقة تحديداً أمام شاشتين من الأحداث تنقل كل منهما ما يجري حيث تنقل الشاشة الأولى ممارسات الوهابية ورأسها نظام آل سعود وملحقاته في الخليج وفي بعض العالم الإسلامي حيث تغلغل هذا الفكر بفعل المال الأسود ومنتجات هذا الفكر المخزية من فشل في كل شيء وفساد وتبديد للثروة وتمويل للحروب وصفقات الأسلحة التي تتحول إلى خردة في رمال الصحراء والمنتج الوحيد الذي يمكن أن يسجل ماركة مسجله لهذا التيار هو تنظيم القاعدة الذي أصبح مشكلة إرهاب عالمية وليس إقليمية فقط.
وعلى الشاشة الثانية منجزات الثورة الإيرانية التي كانت أول خطوة قامت بها إغلاق سفارة الكيان الصهيوني وتحويلها إلى سفارة لفلسطين وصمدت منذ بدايتها بوجه حرب ضروس شنها عليها آل سعود عبر حرب الخليج الأولى التي استمرت ثماني سنوات ثم بناء دولة حديثة بدأت بترسيخ اركانها لتصبح بعد 35 عاماً دولة متطورة في كل شيء وخالية من الفساد وتمكنت من بناء نظام سياسي ديمقراطي حضاري وحيوي يخضع فيه حتى مرشد الثورة للرقابة والأهلية ولا نبالغ إذا قلنا أنه أرقى من كل ما نراه من انتخابات في الدول الغربية وقد توجت هذه المسيرة باعتراف غربي وعالمي بإيران دولة نووية وقوة إقليمية قبل أن تتحول في المنظومة الدولية الجديد التي تتشكل وتعلب فيها إيران أهم أدوار تشكيلها لتصبح واحدة من أهم وأقوى دول هذه المنظومة والعالم ككل.
إن هذا النقل الحي والمباشر على هاتين الشاشتين كان يتم أمام أجيال أصبح عمرها الآن منذ قيام الثورة الإيرانية 35 عاماً أي أن الأجيال التي تأثرت بها بشكل مباشر وأثرت في تفكيرها وتكوين شخصياتها وثقافاتها أصبح عمرها حتى خمسين عاماً وهي الأجيال التي أصبحت تحكم مجتمعات المنطقة وتشمل أكثر من 80% من سكانها وهذا يعني باختصار أن موسم الحصاد قد بدأ.
إن الصورة التي تحدثنا عنها في البداية هي جزء من حصاد هذا الموسم وأستطيع أن اؤكد من الآن في خلاصات لهذا التحول أن انتصار سورية في معركتها الشرسة ضد الصهيونية الإسلامية ممثلة بالوهابية التكفيرية وموقف إيران المساند بقوة للدولة السورية وانتصار محور المقاومة ككل في كل معاركها ضد منتجات الصهيونية العالمية ممثلة بالتوأم (إسرائيل والوهابية) سيحدث انقلاباً حقيقياً في مشهد المنطقة ككل وأستطيع أن أؤكد أن هذا الحصاد سيكون أكثر قسوة مما كان يتوقعه اشد المتشائمين من الشاشة الأولى وأكثر وفرة وإنتاجاً مما كان يحلم به أصحاب الشاشة الثانية.
وأستطيع أن أؤكد أيضاً أنه فور انتهاء الأزمة السورية وهو ما سيحدث في العام 2014 سنرى بداية انقلاب المشهد بأهم نتيجتين هي سقوط التوأم الصهيوني (الوهابية ورأسها آل سعود والكيان الإسرائيلي) بحيث استطيع أن أؤكد بأنه من الآن وحتى 5 - 7 سنوات لن نرى التوأمين في مشهد المنطقة نهائيا وأعيد ما قلته سابقا بأن "آل سعود وإسرائيل ولدا معاً وعاشا معاً وسيموتان معاً" ولن يطول الزمن حتى نرى الهلال الذي حذر منه عبد الله الثاني وقد اصبح بدراً وسيصبح على المدى المتوسط درب تبانة.
وفي استكمال لتوصيف مشهد التغيير الذي أتوقعه أشير إلى أن عدد الذين شاركوا في المشاهد الحسينية قد يصل مع التغيرات المتوقعة واستتباب الأمن إلى 50 مليون زائر.
وإذا كان هناك من يستغرب هذا الكلام أشير إلى أن العالم يراقب بكل اهتمام ما يجري وأن557 وكالة إعلامية وتلفزيونية وصحفية، وموسوعة جينس للأرقام القياسية ومؤسسات دولية قامت بتغطية ومراقبة هذا الحدث الكبير.
وفي مؤشر مهم على تأثير هذا الحدث أنقل ما قاله مراسل أحد القنوات الفضائية الأوروبية، الذي قال في رسالته "العالم كله نائم في سباته وضائع في ملذاته، بينما الشيعة يتجددون سنة بعد أخرى لينالوا الدنيا والآخرة .. الدنيا مع الحسين بزيارتهم لمرقده وطلب الشفاعة منه... وصحبته في الاخرة بين جنات نعيم .. نعم هكذا تقول زيارتهم.. ونعم، أقول أنا بأن الحسين مخلد مادامت شيعته بهذا الاخلاص الذي تعلموه منه منذ اكثر من 1300 سنة .. وقد تعلمته انا منهم هذه السنة... فانا مسلم شيعي من الآن".
نعم هذه هي الصورة التي تتشكل في المنطقة وعلى الخيال أن يجمح في تصور هذا المشهد مستقبلاً والذي لا أراه بعيداً.



  عدد المشاهدات: 1394

إرسال لصديق

طباعة
شارك برأيك

الاشتراك بالقوائم البريدية
البريدالإلكتروني: