الأمل بالعمل



الأكثر زيارة
 الصفحة الرئيسية   مقالات  

المجد لجيشنا الباسل والخلود لشهدائنا الميامين / الكاتب د. نجاح العطار
June 21, 2014 11:50

المجد لجيشنا الباسل والخلود لشهدائنا الميامين / الكاتب د. نجاح العطار

 

 

 

 

 

 

كل الأخبار / صحيفة تشرين

وطننا الغالي يواجه في هذه الأيام محنة كبيرة، على اسم «الربيع»، ولم يعد من سبيل لاستنهاضه ونهوضه إلا بمنطق كفاحي، يأخذ دوره بشجاعة، ويحمينا من السقوط في مصادرات الترهيب والترغيب، والمفاهيم المحبطة التي تغلق الدائرة من حولنا، ويمنحنا القدرة على رد جحافل العدوان من أي جهة أتت.

وفي الأيام العصيبة تُمتحن أعصاب المناضلين، ويغدو للبطولة معنى، وللتضحية معنى، وللتمسك بقيم الوطن معنى، ويتأكد الدور الريادي للقائد الشجاع، ويبرهن أبناؤه الأشداء، المفادين في مجابهة الإرهاب، عن قوة أعصابهم، عن شجاعتهم، عن تمسكهم بأغلى قيمهم، حين لا يخونون تاريخهم ولا يتخلون عن قناعاتهم، وهم يشهدون مأساة المآسي، على أرض الوطن المخضبة بنجيع الأبرياء والمفادين.
وإذا كان درب الآلام طويلاً، وربما سيطول، فإننا لن نقول أبداً إننا لن نشق الظلمة وسجفها المخيمة والمبهظة، ولن نعبر الأبواب الضيقة، قريباً أو بعيداً، إلى مجد النصر، مهما كان الثمن، بل نقف ونتصدى ونحمي، لا نتراجع أو نستسلم، ولن يكون إلا ما نريد أن يكون.
وسيكون انتصار سورية، بشعبها وجيشها وقيادتها ومقاومتها، انتصاراً استراتيجياً، له انعكاساته في المنطقة كلها، ومن شأنه أن يحول بين «إسرائيل» وقطف ثمار عدوانها، وأن يغلّ أيدي الغرب وأمريكا عن فرض استراتيجيتهم التطويقية الهيمنية التقسيمية.
وفي هذا الكفاح الضاري، ضد الإرهاب الهمجي المتموضع على أرضنا، يدرك شعبنا الطيب البريء والنبيل، وبكثير من المحبة والعرفان، أن جيشنا العقائدي العظيم لا يصنع بطولات فحسب، في مواقع الدفاع، بل يصنع تاريخاً أيضاً، يطرز رايته بالدم، ليكون تاريخاً جديداً، مولوداً من رحم التضحيات التي بذلها، خلال أعوام ثلاثة، ويستمر، في سبيل الخلاص من الإرهابيين السفاحين، الجزارين الذين يخلفون - أينما حلوا- الخراب والدمار، وجثث الأبرياء، الأطفال والرضع، والرجال والنساء.
لقد كان الصمود، الدأب، الوعي، الإخلاص، رائد هؤلاء الأبطال، الذائدين عن أمن الوطن والشعب، وحماية الأرض والمنشآت، دون قبول للمساومة أو التراجع، أمام أية مصاعب أو مخاطر، أو إحساس بالخوف أو الجزع، أو رهبة من الموت الذي يتخطّر فوق الرؤوس، وما همَّ، فكرامة الأمة ومصيرها ووجودها هي الهم الوطني الذي يحولونه إلى ملحمة بطولات.
ويعزُّ على الجميع ألا يكون هناك من سبيل لدفع الأذى كله، والدفاع عن البنيان الاجتماعي، إلا بالقتال العنيد والمصمم، فالإرهابيون، هؤلاء القادمون إلينا من أربع جهات الأرض، بتاريخهم الأسود، وتاريخ حُماتهم الأشد سواداً، يحاولون، مدفوعين ومرتزقة، القضاء على مقوماتنا الحضارية والثقافية، وعلى معتقداتنا الدينية والقومية، وعلى ما شيدنا من معامل، وما شققنا من طرق، وما بنينا من جسور، وما أنشأنا من جامعات ومدارس، ومتاحف ومستشفيات ومساجد، وكنائس ومعابد...
إنهم يستهدفون أطفالنا في مدارسهم، وشبابنا في جامعاتهم، وأبناء الشعب في الطرقات أو في البيوت، ويمنعون عنهم الماء والكهرباء ورغيف الخبز، وبات ضرورياً أن نعتمد على قوتنا، وأن ننقل كفاحنا إلى نظرية علم، وجيشنا من قوات نظامية وحسب، إلى قوات واعية ذات قضية، وذات عقيدة، تندفع بشعورها الوطني والقومي، ملتهبة حماسة بمعرفتها أنها تدافع عن وطن، وتفادي في سبيل حماية كريمة للشعب، بأطفاله وكافة أبنائه الذين يستصرخونهم من باطن الأرض وظاهرها، ومن أجل مستقبل أكثر استقراراً وإشراقاً..
نقول لكم - أيها الأعزاء في جيشنا الغالي - سورية بكم صخرة، وبزنودكم سور، وبأجسادكم قلعة، وقد أعطيتم برهانكم في بسالتكم، أنتم الذين لا تصدرون عن خوف أو عجز، وتعرفون، كما نعرف، أنكم في ظل قيادتكم الرائدة، وما تتسم به من شجاعة وعقلانية وإخلاص، إلى نصر أكيد.
ونحن أين كنا، نعيش معكم حيث تعيشون، ونصابر ونصبر كما تفعلون، ونؤمن كما تؤمنون، أنها ضريبة الدم وفدية الوطن، وفريضة التاريخ..
الخسارة فادحة، والرزء فادح، لكن التربة التي تروّت بنجيعكم، سيأتي يوم قريب، تورق فيه بالأمن والاستقرار والازدهار.
الذين سموا أنفسهم معارضة، منذ بداية الأحداث، وادّعوا أنهم ينطقون باسم الشعب، يعرفون كما نعرف، كيف بدأ العدوان، وكيف تقدّم، وكيف تشعّب وتوغل، وكيف دارت المعارك، ويعرفون كما نعرف أن الشعب لم يكن معهم أبداً، وأنه كان وراء رئيسه، في مسيراته التي ملأت الساحات، وهتافاته المنبعثة من الوجدان، والمعبرة عن تمسكه برئيسه ، ودعمه الصادق له، وإيمانه الكبير بدوره، والرسالة التي يؤديها لوطنه، في ترسيخ نهضته التنموية والصناعية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
وكان غريباً أن تتعالى أصوات من بينهم، تنادي الأجنبي، ومن كان لهم تاريخ أسود في استعمار أوطاننا، كي يحملهم على أجنحة أسلحته ومرتزقته، إلى تحقيق مآربهم، ولو على حساب احتلال أرضنا ثانية، وتهديم بيوتنا، ونهب ثرواتنا، والعدوان على كل قيمنا وقناعاتنا.
ولم يرعهم نزيف الدم، ولم يستنكروا الحديث عن ديمقراطية مزيفة فاشية، يريدون فرضها علينا، ولم يستنكروا، وهم يحاولون الإطاحة بأمن بلادهم، أن يعلن الغرب وأمريكا حرصهم الدائم، على حماية أمن «إسرائيل» وسلامتها وتحقيق أهدافها، ولم يرعهم سعي بعضهم لمدّ الجسور مع «إسرائيل»، والدعوة إلى التعايش معها.
ولا تقارن مواقفهم هذه، وما فعلوه في محاولات دعم جحافل الإرهابيين البرابرة، وممارساتهم التدميرية على اسم الدين، والدين منهم براء، لا تقارن، ولا يمكن، بمواقف الرئيس بشار الحامل لأنبل الشيم في التضحيات، والمفادي، حرباً وسلماً وفي كل الظروف، والساعي لإيقاف نزيف الدم. ولا يمكن أن ننسى، ولا للتاريخ أن ينسى، أنه مدّ اليد، ويمدّها، للذين يريدون العودة إلى السبيل القويم، من أجل أن تنطلق مسيرة الأمن والسلام والبناء، على أرضنا، وينكفئ العدوان الإجرامي التكفيري، ومَن وراءه.
الانتخابات التي كانوا يدعون إليها، ويعتبرونها مطية الخلاص، وضرورة من ضرورات «الديمقراطية»، صارت اليوم بالنسبة إليهم، وبالنسبة لحُماتهم ومموليهم ومسلّحيهم، خطراً داهماً، وأمراً لا معنى له، بل لقد تجرأ بعضهم ودعاها مهزلة.. لأنهم أدركوا ألا شأن لهم بسيرورتها، وأن وعي الشعب أكبر من أن يتأثر بأساليبهم، وبالخداع الذي به يتمترسون، وبدعواتهم المستمرة للقوى الأجنبية كي تحتل الأرض، وتكتم صوت الحق، هي التي استرقّت وتسترقّ الشعوب على اسم ما يدعونه «ديمقراطية» و«حقوق إنسان»، أدركوا أن الإجماع منعقد على انتخاب الرئيس بشار، وإن لم يدركوا أن هذا الإجماع هو حقاً منعقد، لا في غرف الاقتراع، بل في الخلوة بين النفس وبارئها، وهو صوت ضمائر الناس وقلوبهم وعقولهم.
إنه إجماع على قائد به يتعزز الصمود، شجاعٍ لا يجزع، ولا يبرح مواقفه ومواقعه، وفي الذود عنها، لا تكسره الشدائد، ولا تلوي به الخطوب، وفي بقائه طمأنينة إلى أنه سيقود وطنه إلى مرفأ النصر والمجد.
إن مواقف الرئيس بشار المبدئية هي التي تتساوق مع أهداف أمته، وتطلعات شعبه، في السعي إلى الانتصار على العدوان الذي رُسمت خططه في واشنطن والغرب وتل أبيب، وانطلقت أدواته من السعودية وتركيا وقطر، وبلدان أخرى، بكل ما زُوّدوا به من سادية مجرمة، وهمجية يكاد لا يكون لها مثيل..
وفي العمل لإعادة إعمار ما دمّروه، والحفاظ على الوحدة الوطنية، وتحقيق المواطنة في أرقى مستوياتها، ومتابعة خطا الإصلاح، وتضميد الجراح، وحقن الدماء، والسعي إلى إطفاء الأحقاد، وتحقيق التقارب بين المواطنين، والمصالحة بين المختلفين، وتوفير الأمن والأمان..
وإذا كنا نؤمن إيماناً راسخاً بضرورة التمسك بالعروة الوثقى، طريقَ مقاومة لا تلين، وصموداً لا يتراخى، والتزاماً بالنضال البنّاء، فإن ممارسة حق الاقتراع تغدو ضرورةَ وفاءٍ لما نؤمن به، وبرهاناً على شجاعة الموقف، وتأكيداً على موقع القائد منّا، نحن الذين نراه، في إجماعنا، نسراً ينفرد، في تحليقه، بجناحين قادرين على حمل أعباء المرحلة، وقيادة الأمة في مختلف ظروفها، أحلكها وأكثرها إشراقاً..
كلام كثير يمكن أن يُكتب ويُقال، ويتناول هذه الفتنة التي أعشت عقول بعض أبناء هذا الوطن، وأغلقت ضمائرهم، فما عادوا يرون الأمور على وجهها الصحيح، وما عاد لتاريخ من النضال في بلدهم، ضد كل أشكال الاستعمار والعدوان والتفرقة، يمس إدراكهم، وما يؤلم أن بين هؤلاء قلة من رجال الفكر المثقفين، وكان من المأمول، بل المفروض، أن يكونوا رسل وعي، ودعاة تنوير، هكذا كنا نراهم، وإليهم نوجه النداء، وندعو كي تظل سلامة الوطن هي الأغلى عليهم، ومنطق الحق وحياة الناس والارتقاء بها، هي التي تستدعي أن تكون موضع اهتمامهم..
وما هكذا كان الظن بهم، أن يشهدوا بأم أعينهم كيف تستباح كل الحرمات على الأرض، وكيف تتواصل مواكب الشهداء، عسكريين أعددناهم لنـزال العدو، ومواجهة عدوانه، ومدنيين أطفالاً في مدارسهم، وشباباً في جامعاتهم، وأناساً أبرياء لا أحد يعرف لماذا يهدرون دمهم وحياتهم..
إننا نعرف هؤلاء المثقفين، أو بعضهم على الأقل، وقد كان الأمل بهم كبيراً، ثم فجأة سقطوا في جحيم الغرب، والمال، وحياة البذخ، وإغواءات الذين كانوا دوماً أعداء للحرية والعدالة وحقوق الإنسان، وكل أشكال العيش الكريم لأبناء شعبنا..
فهل من بينهم من يستجيب ويعود إلى جادة الصواب؟ والأكيد أن الوطن سيحتضنهم ثانية..
وهل يستطيعون أن يسمعوا صوت التاريخ على لسان جبلة بن الأيهم الذي لجأ إلى قيصر الروم مغاضباً قومه، ثم تاب، وعانى من حنين عميق في مهاوي النفس، فقال، في جملة ما قال، في قصيدة شهيرة:
فياليتني أرعى المخاض بقفرة
وكنت أســــيراً فـي ربيعـــــة أو مضـــر
وياليت لي بالشام أدنى معيشة
أجالس قومي ذاهب السمع والبصر
الذين حملوا راية الوطن واستشهدوا كثر..
والحزن عليهم كبير وعميق، والجرح نغّار..
ولهم نقول:
سلام عليكم أيها الأبرار
سلام على جراحاتكم ودمائكم أيها الغالون
والخلود لكم، لمواكب الشهداء الذين يستطيل بهم الكفاح، ويتمجد النضال، ويتألقون نجوماً على راياتنا..


 



  عدد المشاهدات: 1618

إرسال لصديق

طباعة


التعليقات:

إرسال تعليق:
الاسم الكامل:
البريد الإلكتروني:
البلد: