الأمل بالعمل



الأكثر زيارة
 الصفحة الرئيسية   مقالات  

الدولة الوطنية و الدين / بقلم : يونس أحمد الناصر
February 08, 2016 13:51

الدولة الوطنية و الدين / بقلم : يونس أحمد الناصر

لعل أبرز ما يواجه المواطن العربي في أحداث ما يسمى الربيع العربي هو هذا الاصطفاف الديني ظاهرياًَ و الذي يتجاهل بشكل كامل مفهوم الدولة الوطنية و لا يقيم لها اعتباراً و اعتبار الدين أولوية لإسقاط الدولة الوطنية و سواء اتفقنا أو اختلفنا على عدم تقديم الدين على الدولة الوطنية أو اعتبارنا ما نراه ديناً أو شيئاً آخر لا يمت للدين بصلة لكن هذا هو حال العرب اليوم .
لماذا تتدخل السعودية بكل ثروتها و قوتها في الدول الأخرى ؟
منذ بداية أحداث ما يسمى أحداث الربيع العربي برز دور البترودولار كمموِّل أساسي للفوضى التي تشهدها الدول الوطنية من تونس وصولاً إلى سورية , رافقه وصول تيارات ما يسمى الإسلام السياسي إلى السلطة في بعض هذه الدول و اعتبار ما يحدث فرصة تاريخية لعودة الإسلام باعتباره دولة بديلة للدول الوطنية و عودة التاريخ لما يسمى دولة الخلافة
و الذريعة الوحيدة التي تسوقها السعودية و باقي دول مجلس التعاون الخليجي التي تأتمر بأمر السعودية و التي لم تصل بعد بنظامها السياسي إلى مفهوم الدول الوطنية , الذريعة هي الدفاع عن المكون الطائفي السُّني في الدول العربية التي تطور نظامها السياسي إلى شكل متقدم في بناء الدولة الوطنية التي تحترم كل مكوناتها البشرية و غني عن القول بأن هذه الذريعة تدحضها كل الوقائع على الأرض فتونس و ليبيا و مصر و اليمن و حتى سورية و العراق لم تكن هذه الطائفة مهمشة و بقيت هذه الطائفة تتعايش مع كل مكونات المجتمع الأخرى طوال القرون من عمر الإسلام و لم يكن هناك يوماً حروباً دينية تعيشها هذه الدول.
و الأمر الآخر الذي يدحض الادعاء السعودي هو القضية الفلسطينية التي بقيت عشرات السنوات بدون حل و لم تتدخل السعودية للدفاع عن السُّنة الذين يشكلون غالبية مطلقة في المجتمع الفلسطيني , بل على العكس تدخلت إيران ( الشيعية ) لدعم السُّنة الفلسطينيين في مواجهة الكيان الصهيوني الغاصب , و عندما كان صدام حسين( السُّني ) في العراق دعمته السعودية و دول التعاون الخليجي للقضاء على الثورة الإيرانية التي أعلنت معاداتها لأمريكا و إسرائيل و أقامت سفارة لفلسطين بديلاً عن السفارة الإسرائيلية منذ بداية الثورة الإيرانية و زج العراق بحرب ظالمة لعشرة أعوام دمَّرت إمكانات العراق و إيران ( الإسلاميتين ) البشرية و المادية خدمة للمشروع الاستعماري و الصهيوني في المنطقة
السعودية الجاهلة .... وحضارات اليمن و سورية
تقول السعودية بأنها تتدخل في اليمن بناء لطلب الشرعية في اليمن و إعادة الرئيس اليمني المخلوع عبدربه منصور هادي( الوهابي الذي فرضته السعودية في فترة سابقة على اليمنيين ) إلى السلطة و تحارب كل مكونات المجتمع اليمني الأخرى بما فيهم السُّنة الذين لا يوافقونها رأيها و أعني الجيش اليمني الوطني و القوات الحليفة لها بادعاء أنهم حوثيون ( شيعة ) و مدعومون من إيران
و بغض النظر عن موقفنا مما سبق فإن التناقض السعودي يظهر جلياً بدعم الانقلاب على الشرعية التي يعترف بها العالم في سورية و إمداد مرتزقتها الانقلابيين بكل صنوف الأسلحة و المال لتدمير الدولة السورية و الذين يستهدفون كل مكونات المجتمع السوري بما فيهم السُّنة الذين لا يعتقدون المذهب الوهابي التكفيري و يدعون إلى الإسلام الوسطي المعتدل المتعايش مع كل المكونات الأخرى فتم اغتيال رموز هامة من هذا المكون الديني الهام و الذي نفخر به في سورية كالدكتور محمد سعيد رمضان البوطي المعروف في كل أنحاء العالم الإسلامي و الذي لم يوافقهم رأيهم رغم كل الإغراءات التي تلقاها من الوهابيين السعوديين
وما تسوّقه السعودية من مبررات للتدخل في شؤون الدول الأخرى و أعني الدفاع عن الدين هو مبرر ساقط ولا يعتد به , فهل تقبل السعودية تدخل العالم( المسيحي ) للدفاع عن المسيحيين في الخليج العربي مثلا و ماذا لو أعلن هذا العالم حقه بـ (المنطق السعودي ) من التدخل لإعادة المسيحيين و الكنائس التي كانت تعجُّ بها أرض الحجاز قبل اغتصاب آل سعود للحكم في الحجاز ؟؟

و إذا كان هذا المنطق جائزاً لماذا لا تتوجه الخيول السعودية إلى بورما للدفاع عن المسلمين السُّنة هناك ضد البوذيين
السعودية و الصراع مع إيران.. سياسي و ليس ديني
إذا كانت السعودية تحارب ما تسميه المد الإيراني و تعمِّي عليه بالمد الشيعي , فلماذا لا تحارب إيران بشكل مباشر بدلاً من تدمير اليمن و قتل أطفاله و بديلاً لجرائمها في كل بلاد العرب و نعرف بأن ما يفصل الخليج عن إيران هو خليج مائي لا يشكل عائقاً أمام بطولات السعودية لتثبت حقاً بأنها دولة قوية و لها دور إقليمي قادر على تحجيم الدور الإيراني
و ختاما نقول : لا يختلف اثنان بأن المذهب الوهابي الذي تعتنقه السعودية و تحاول نشره في أرجاء البلاد الإسلامية لا يمت إلى الإسلام بصلة , بل أكثر من ذلك فإنه يكفر كل الأديان و الطوائف الأخرى بما فيها المذاهب التي تعتنق المذهب السني كطرق عرفانية , كما لا يخفى دور الاستعمار بتكوين هذا المذهب و دعمه عبر دعم عشيرة بني سعود و زجِّه في مواجهة كل الأديان و الطوائف الأخرى , و بالتالي هو مذهب غير قابل للتعايش مع كل البشر بمختلف أديانهم و مسمياتهم , و ظهور النفط في أرض الحجاز مكَّن السعودية من امتلاك ثروة كبيرة لا تجيد استخدامها سوى بالعدوان على جيرانها و دور وظيفي لخدمة المصالح الاستعمارية بنهب ثروات العرب و تسخيرها لخدمة أمريكا و إسرائيل و الوقوف ضد كل طموح عربي للنهوض و احتلال مكان بين البشر
أنهار الدماء ... و المجرم الوهابي
تختلف تسميات العصابات المجرمة التي سخَّرتها الوهابية لتنفيذ المخططات الصهيوأمريكية لتخريب البلدان العربية و لكنها كلها تجتمع على اعتناق المذهب الوهابي القاتل و يلاحظ المتتبع لأحداث ما يجري بأن هؤلاء المرتزقة يقتلون كل الناس بما فيهم السُّنة الذين وضعوهم غطاء لتدخلهم بشؤون الدول الوطنية التي تحترم كل مكونات مجتمعاتها .
السعودية .... دور وظيفي
كما سبق و ذكرنا فإن للسعودية دوراً وظيفياً رسمه لها الاستعمار منذ تشكيل هذا الكيان البغيض في أرض الحجاز , و هي باختصار تقوم بتأدية هذا الدور, و المغفلين من العرب و المسلمين فقط هم من يصدقون إسلام السعودية و غيرتها على الدين .
أما عن الدول الوطنية فهي التي ستُفشِل ما يحاك ضد سيادتها و مصير شعوبها و الوقوف بوجه أسياد السعودية الصهاينة و الأمريكان , و يفشلون مخططاتها التي تشكل السعودية الوهابية أداة تنفيذية لهذه المخططات لا غير .... و النصر الأكيد للدول الوطنية التي تدافع عن حريتها و استقلالها.
 



  عدد المشاهدات:

إرسال لصديق

طباعة
شارك برأيك

الاشتراك بالقوائم البريدية
البريدالإلكتروني: