الأمل بالعمل



الأكثر زيارة
 الصفحة الرئيسية   مقالات  

القدس عاصمة فلسطين / بقلم : حسام حسن
December 08, 2017 21:00

القدس عاصمة فلسطين / بقلم : حسام حسن

في بدايات عملي الإعلامي ، وفي عام 1992 تقريبا ، كان أول لقاء لي مع خالد مشعل ، رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومةالإسلامية - حماس ..
كان الرجل يبدو نبيلا ، ناعم الملمس ، هادئا ، يحاول تقليد كاريزما سيد المقاومة ، ولأنني من نسل يعيش المقاومة في كل نبضة ، أحببت السيد مشعل ، وإن لم أنتم ِ عقائديا لمشروعه وحركته ..
توالت لقاءاتي بمشعل ، ورهطِهِ ، وهي لقاءات ذات طابع إعلامي ، وكلما كانت الحركة تقوم بعمل فدائي ما ، كانت روحي المعنوية تصل عنان السماء ، ويتقد منبر إذاعة القدس - التي كنت من كادرها ، بالعمل الفدائي ، وتصدح المواقف الوطنية ، والأغاني الفلسطينية ، والموسيقا الحماسية ..
كانت حماس ، في حضن سورية ، الابنة المدللة ، وكان موكب المقاومين آنذاك ، يطوف بدمشق ، أو في مخيم يرموكها ، وكأنه موكب القديس بولس الرسول ، محفوفا بالاحترام والتبجيل ، بل وبالمواكبة الأمنية السورية غير المسبوقة ..
في كانون الأول عام 1992، أبعد العدو الصهيوني ، 415 ناشطاً فلسطينياً من الضفة الغربية وقطاع غزة المحتلين عام 1967، إلى منطقة مرج الزهور في جنوبي لبنان.
المبعدون كانوا ينتمون إلى حركتي حماس والجهاد الإسلامي - وأغلبهم من حركة حماس - وقام هؤلاء المبعدون بالمرابطة في مخيم العودة لإرغام سلطات الاحتلال على إرجاعهم وقد نجحوا في ذلك. ولكن ، كيف نجحوا في ذلك ؟
أذكر أنني كنت أعلق على النقل المباشر إذاعيا من مرج الزهور ، وقد ارتدى المبعدون أكفانهم البيضاء وقرروا العودة سيرا على الأقدام إلى فلسطين المحتلة ..
برز عبد العزيز الرنتيسي القيادي السابق في حركة حماس والذي اغتالته القوات الصهيونية لاحقاً، برز كمتحدث رسمي باسم مبعدي مرج الزهور. وكنت أخاطبه عبر ما يكروفون إذاعة القدس ، وكلي فخر بأنني أتحدث إلى بطل من هذا الطراز ! ...
حين التحقت بعملي في تلفزيون الدنيا ، التقيت كلا من خالد مشعل ، وموسى أبو مرزوق ، بلقاءين تلفزيونيين ، وحاورتهما ، كلا على حدة ، ولم يخف كلاهما أثناء اللقاءين ، علاقتهما الحميمة بتنظيم الإخوان المسلمين ، ما اضطرني إلى قص كلامهما عن هذا التنظيم الإرهابي ، من مضمون اللقاءين ، نظرا لحساسية القصة عند المتلقي السوري ..
المثير في لقائي بخالد مشعل ، كانت الإجراءات الأمنية المذهلة التي خضعت لها ، منذ أن وصلنا إلى مشروع دمر ، مع بعثة تلفزيون الدنيا الإعلامية ، لأكتشف حينها أن قادة الحركة يعيشون في مملكة مستقلة ، أمنت لها الدولة السورية كل مقومات الحماية ، حتى أنني دخلت طابقا تحت الأرض ، ثم خرجت منه إلى فسحة سماوية ، ثم إلى بناء آخر ، وكان علي عندها أن أخلع من قدمي حذائي ، ثم أمشي في ممر مكسو بالسجاد ، ثم أعود فأستلم حذائي وأشيائي ، وعدة التصوير ، مع الفريق المرافق ، ليتم إعطاؤنا سائلا نمسح أيدينا به ، ومناديل خاصة ، من قبل جيش من الحرس والمرافقة ، والرجال المدججين بكل أنواع الأسلحة المخصصة لحماية الشخصيات العامة ، حتى أن من قدم لنا الشاي ، كان يرتدي زيا عسكريا ، ويحمل مسدسه ، على خصره ، قبل أن نتمكن من السلام على حضرة رئيس حركة المقاومة الإسلامية - حماس .. خالد مشعل !
تقبلنا جميعا الأمر بصدر رحب ، فالرجل مطلوب للعدو ، وهذا وحده - كنا نظنه في ذلك الوقت - شرف لا يدانيه شرف !...
نهاية عام 2011 ، كان لي شرف اللقاء بالسيد الرئيس بشار الأسد رئيس الجمهورية العربية السورية ، للمرة الأولى في حياتي ، ثم التقيت به عدة مرات في أوقات لاحقة ، وبالرغم من أن الظروف الأمنية لم تكن في أفضل حالاتها ، إلا أن وصولي إلى قصر الروضة - ومن معي - في التاسعة صباحا ، كان من أيسر الطرق ، وأسهلها ، وقد وجدت اسمي واسم صحبي على الباب ، وباستثناء التفتيش الأمني التقليدي ، وتسليم جهاز الهاتف المحمول ، لا شيء استثنائيا ، ولا شيء غير طبيعي ، باستثناء ، أن رئيس الجمهورية ، هو من دعانا لتناول الشاي إلى طاولته ، وحينما انتهى الاجتماع بعد ثلاث ساعات ، غادر كرسيه ، وفتح باب القاعة ، فكانت مفاجأتنا جميعا ، أنه لم يكن هناك أحد في الردهة بين القاعة والدرج ، لا حراسة ، ولا مرافقة ، ولا حُجّاب ، ولا مسؤولي ضيافة ، ونزل السيد رئيس الجمهورية درجا صغيرا ، خمس أو ست درجات ، ليدعو بنفسه ، مصورا مختصا ، ليأخذ لنا الصور التذكارية .....
على كل حال ، بوثيقة حماس القطرية الجديدة ، واعترافها بالعدو الصهيوني ، وقبولها بحدود عام 1967 ، التي قامت أساسا على رفضها ، سقطت كل الأقنعة ، حتى تلك التي كنا نحاول أن نتحصن خلفها ، حين نقول إن حماس ليست كلها في ركب المتآمرين ، على سورية ، وإن منها من لا يزال على عهد الوفاء لسورية .....
كتائب ُ القسام ، كنّتْ نفسها بهذا الاسم ، وهو يعود لرجل عربي سوري من جبلة ، جارة ِ لاذقية الشرف العربي ، والذي سار على قدميه ، من ساحل العز السوري إلى جنين في الضفة الغربية المحتلة ، قبل أكثر من ثمانين عاماً ، حيث استشهد هناك ، ليقف إلى جانب أهله وذويه ، الذين يتعرضون ، لظلم الصهاينة ، وقبلهم البريطانيون ، واستطاع باستشهاده أن يشعل الثورة الفلسطينية الكبرى عام 1936 وبقي رمزاً للمقاومة حتى اليوم ..
لا أدري بالضبط هل خانت كتائب القسام ، عز الدين القسام ، أم لا ، ولكنني أتذكر جيدا ، أن عددا من الصواريخ التي قصف بها الإرهابيون اللاذقية مدينة وريفا ، كان من طراز " القسام " الذي لطالما ساهمت الصناعات الحربية السورية بمد " المقاومين " به ، منذ نشأة حماس ..
وحين اعتدى العدو على قطاع غزة ، في إحدى عناقيد غضبه ، وأغلقت مصر الحدود مع القطاع ، وفتحت سورية الحدود مع لبنان ، تمنى مليون فلسطيني محاصر في غزة ، لو كانت حدودهم هي سورية ، لأنهم يعلمون حقا ، من هو من يقود سورية ، وكيف يفكر السوريون !...
خان من خان ، وأوفى من أوفى ، ولا ريب بأن في فلسطين من مائها إلى مائها ، رجالا يعرفون معنى سورية ، ويدافعون عنها بمؤق العيون ، ولا ريب أن في سورية ، رجالا من أبناء الشعب الفلسطيني ممن يعتبرون أنفسهم سوريي اليد والوجه واللسان ، ما زالوا يذودون عنها في الفيافي والبيد ، يدفعون ثمن فلسطينيتهم ...
ذات اليد التي صافحت بها يد خالد مشعل ، أتمنى لو أنها قد قطعت من الكتف ، لولا أنني أتذكر أن هذه اليد ذاتها ، صافحت رئيس جمهورية الشرف ، بشار الأسد ، فجبّت تلك المصافحة ما قبلها من أذى ، وخبث ، علق بي !
قلت ما قلت ، لأنني أعلن أنني أحب سورية ، وأحب فلسطين مثلما يحبها كل سوري ، شريف ، تربى في مدرسة الأسدَيْن ، وأكره بكل تأكيد .. العدو الصهيوني .. وحركة حماس !
رفعت ُ قلمي ، حتى تجف َّ الصحيفة ! 



  عدد المشاهدات:

إرسال لصديق

طباعة
شارك برأيك

الاشتراك بالقوائم البريدية
البريدالإلكتروني: