الأمل بالعمل



الأكثر زيارة
 الصفحة الرئيسية   ثقافة و فن   

قرأت لكم / الموارد والنفط ترسم خطط الحرب القادمة في العالم- زينب طحان
April 18, 2014 12:36

قرأت لكم /  الموارد والنفط ترسم خطط الحرب القادمة في العالم- زينب طحان

منذ بدء تاريخ البشرية، وهي تخوض الحروب، ولطالما كانت هذه الحروب تغير بمعالم المناطق وبمسار الأحداث الكبرى وتمهّد للإنسانية عهودا جديدة مع تطورات الحياة على مختلف الصعد العمرانية والثقافية والاجتماعية والجغرافية.

وصارت مع تقدم العصور تحمل خلفيات وأهداف مغايرة، حتى باتت مع بزوغ عصور الإمبريالية العالمية تحمل عنوانين "حضارية" و"ثقافية" بهدف تحرير الإنسان المتفوق للأخر المتخلف من جهله وقيود "النظام الديكتاتوري" الذي يحكمه.
في عصرنا الراهن، مع دخولنا القرن الحادي والعشرين، باتت أسباب الحروب تحمل سمة الصراع من أجل إحقاق الحريات العامة والفردية، على النطاق الغربي لمفهوم الحريات، ولكننا في دراسة متأنية ندرك أن الأسباب الحقيقية أبعد ما تكون عن ذلك، بل هي الصراع من أجل حقول الطاقة والقوة المحركة للآت التكنولوجيا الحديثة. في كتاب الباحث الأميركي "الحروب على الموارد: الجغرافيا الجديدة للنزاعات العالمية"، يظهر الصورة الناصعة لتلك الحقيقة، معززا الكتاب بالمصادر الغنية، تضم وثائق حكومية داخلية ونشرات صناعية وعسكرية متخصصة غير متوفرة للقارئ العادي. ويقدم أول تحليل عقلاني لتلاقي المخاوف البيئية والاقتصادية والعسكرية. إن "الحروب على الموارد" تحد جريء للذين يتوقعون حقبة من السلم والازدهار، وهو بحث واضح المعالم لطبيعة الحرب المتغيرة في حقبة من الضغوط البيئية المتزايدة والتنافس الدولي المتسارع.
كتب كلير بشكل واسع حول السياسات الدفاعية للولايات المتحدة وتجارة السلاح والشؤون الأمنية العالمية، وله أكثر من عشرة كتب تتعلق بالشؤون الاستراتيجية العالمية إضافة إلى كتابات صحفية في أكثر من اثنتي عشر صحيفة عالمية فضلاً عن عمله كخبير في قسم الأسلحة في منظمة مراقبة حقوق الإنسان.‏ تكمن قوة تحليل كلير في تركيزه على الصراعات المحتملة ومنها على سبيل المثال الصراع بين سوريا والأردن و"اسرائيل" على الموارد المائية المحددة لنهر الأردن من خلال بحث مفصل عن معدلات الاستهلاك المتوقعة، والنمو السكاني، والاتجاهات الأخرى ذات العلاقة، ويرى أن النمط نفسه يتكرر في عشرات المواقع الأخرى من العالم.
وترجع أسباب هذا الصراع إلى ثلاثة أسباب رئيسية هي: عدم تجدد الموارد، زيادة الطلب عليها، وقوع الموارد في مناطق تمزقها الاضطرابات العرقية والسياسية.‏ ويخلص كلير في تحليلاته إلى أن العقود الأولى من الألفية الثالثة ستشهد حروباً مختلفة ليس من أجل الايديولوجيا وكيفية نشرها، لكن من أجل السيطرة على الامدادات التي تتضاءل خاصة بالنسبة لتلك المصادر القيمة.‏ ويؤكد أن تضاؤل الموارد مع الزيادة السكانية وعدم الاستقرار يسرع نشوب حروب قد تؤدي إلى زعزعة النظام العالمي الحالي وتثير حالة من الفوضى الخطيرة. يقول كلير أن التركيز الحالي على مظاهر القلق الخاصة بمصادر الطاقة يعكس الأهمية المتزايدة للقدرة الصناعية والأبعاد الاقتصادية للأمن.
الرئيس الأميركي الرقم 42 بيل كلنتونويعتقد أن تحديد أبعاد القوة وتأثيرها أصابه التغيير منذ زوال الحرب الباردة، فبينما كانت القوة الوطنية تفكر في الماضي في الاكتفاء بامتلاك قوة عسكرية والحفاظ على أنظمة تحالفات ممتدة، أصبحت الآن مرتطبة بالديناميكية الاقتصادية والاعتماد على الابتكارات التكنولوجية.‏ وخلصت دراسة حديثة أجرتها وزارة الحرب الأميركية إلى أن الأمن القومي يعتمد على الاشتراك الناجح في الاقتصاد العالمي. ويستذكر كلير خطاباً للرئيس الأميركي بيل كلينتون خلال حملته الانتخابية العام 1992 قال فيه: "يجب أن تصبح قوتنا الاقتصادية عنصراً محورياً لسياستنا الأمنية والقومية ويجب أن ننظم أنفسنا حتى ننافس ونفوز على الساحة الاقتصادية العالمية". وأصبح هذا النهج، كما يقول كلير، سياسة أميركية رسمية عندما تولى كلينتون السلطة إذ قال: "إن مصالحنا الأمنية والاقتصادية متضافرة".‏
حرب العراق للسيطرة على أسعار النفط :
وللقارئ الاطلاع أكثر على المحاور التي تطرق إليها المؤلف في معالجته هذه والتي جاءت على الشكل التالي: الثروة والموارد والقوة: المعالم المتغيرة للأمن العالمي، النفط والجغرافيا والحرب: السعر التنافسي وراء وفرة النفط، الصراع النفطي في الخليج، الصراع على الطاقة في حوض بحر قزوين، حروب النفط في بحر الصين الجنوبي، الصراع على الطاقة في حوض بحر قزوين، حروب النفط في بحر الصين الجنوبي، الصراع على الماء في حوض النيل، الصراع المائي في أحواض نهر الأردن ودجلة-الفرات ونهر الهندوس، الاقتتال على ثروات الأرض: الحروب الداخلية على المعادن والخشب، الجغرافيا الجديدة للصراع. الملحق: النزاعات الإقليمية في المناطق الحاوية على النفط و/أو الغاز الطبيعي.
يطرح المؤلف موضوعه في محاولة للاقتراب أكثر من مسألة الحروب التي تشهدها الساحات العالمية والتي تطلق عليها شعارات: محاربة الإرهاب، عاصفة الصحراء وغيرها... وهدفه من هذا الاقتراب تلمّس الدافع الحقيقي الكامن في السيطرة على الموارد فكانت هذه الحروب في حقيقتها هي حروب الموارد. لم يقف الكاتب على أعتاب هذه الحروب بل هو تغلغل وبعمق في استجلاء مكامن الخطر في دول العالم النامية والمتجمعة في قارتي آسيا وأفريقيا هذا الخطر الذي تسببه الموارد التي تمتلكها، بكافة أشكالها وذلك في محاولة لاستقراء جغرافية محتملة لحروب تلك المناطق التي يمكن أن تشنها دول النفوذ في عالمنا اليوم. ويمكن القول بأن الكاتب طرق موضوعه هذا من خلال فكر موضوعي ومنهجية علمية تحليلية، مما أضفى على المعالجة صفة المصداقية. من حقول النفط القاحلة في آسيا الوسطى إلى دلتا النيل الخصيبة، ومن الخطوط الملاحية المزدحمة في بحر الصين الجنوبي إلى مناجم اليورانيوم وحقول الماس في إفريقيا جنوبي الصحراء، يتفحّص "الحروب على الموارد" تأثير التنافس الشديد على الثروات في السياسات العسكرية للدول. فتأمين هذه الموارد أو طرق نقلها بات يشغل حيّزاً كبيراً من اهتمام الدول الكبرى على الصعيد العالمي والإقليمي.
ففي أعقاب الحظر النفطي العربي سنة 1971 والارتفاع الكبير الذي طرأ على أسعار النفط، طرح البعض أن تقوم الولايات المتحدة باحتلال الشريط الساحلي الممتد من الكويت إلى قطر لكسر هيكليّة الأسعار الجديدة. وعندما تعالت التهديدات العراقية للدول الخليجية، وضعت الولايات المتحدة خطة للحرب مع العراق في سنة 1990، وهي الخطة التي طبّقت في أعقاب الغزو العراقي للكويت. وثمة تنافس أميركي روسي على طرق نقل نفط بحر قزوين.
حوض بحر قزوين : احتياطات غاز العالم
حوض بحر قزيونوتذكر وزارة الطاقة الأميركية أن حوض بحر قزوين الذي يشمل أذربيجان وكزاخستان وتركمانستان وأوزبكستان وأجزاء من روسيا وإيران يختزن 270 بليون برميل من النفط، وهو ما يساوي 20% من احتياطيات العالم الإجمالية. وتحتوي المنطقة أيضا على حوالي 665 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي أي 13.5% من احتياطيات الغاز في العالم. وتأمل واشنطن -عدا الاستثمار في المنطقة- أن تحولها إلى مصدر بديل للطاقة يمكنه أن يسد الحاجات الغربية إذا جمد أو علق شحن النفط من الخليج العربي، وهذا ما أشار إليه تقرير وزارة الخارجية الأميركية في أبريل/نيسان 1997 والمقدم إلى الكونغرس. وتواصلت التدريبات والخطط العسكرية والأمنية لمنطقة آسيا الوسطى، وشمل ذلك إقامة قواعد عسكرية وحماية حقول النفط وخطوط التجارة البحرية والمظاهر الأخرى لأمن الموارد.وقد راجعت دول أخرى غير الولايات المتحدة سياساتها الدفاعية القومية وفقا للأولويات الاقتصادية الجديدة مثل الصين واليابان. وكما حدد النفط كثيرا من الصراعات والسياسات فإن الماء في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا هو مصدر القلق وسبب النزاعات القادمة، وفي مناطق أخرى فإن موارد كالمعادن والأخشاب توجه الصراع والتنافس.
توفير بنية عسكرية غربية في الخليج وصراع النفط :
إن احتمال الاقتتال المستقبلي على النفط تدل عليه أشياء كثيرة، وقد أنشأت الولايات المتحدة بنية أساسية عسكرية دائمة في الخليج، ونقلت روسيا المزيد من قواتها إلى القوقاز وحوض بحر قزوين، ومنذ العام 1973 بدأ العالم ينظر إلى النفط ليس فقط باعتباره سلعة عسكرية أساسية بل أيضا شرطا أساسيا للاستقرار الاقتصادي العالمي. ووضعت عقيدة كارتر التي تعد المساس بمنطقة الخليج مساسا بالأمن الأميركي موضع التنفيذ في العام 1990. ويتصل بهذا الصراع موضوع نقل النفط حيث يحتاج أن يمر عبر مضائق بحرية يمكن أن يؤدي إغلاقها إلى منع تدفق النفط، وهي حسب أهميتها من ناحية حجم تدفق النفط من خلالها: مضيق هرمز عند مدخل الخليج بين عمان وإيران حيث كانت حركة المرور اليومية في العام 1998 تساوي 15.5 مليون برميل، ومضيق ملقا بين ماليزيا وإندونيسيا (9.5 ملايين برميل)، وباب المندب عند مدخل البحر الأحمر بين اليمن وإريتريا/جيبوتي (3.3 ملايين برميل)، وقناة السويس التي تربط البحر المتوسط بالبحر الأحمر ويمر فيها 3.1 ملايين برميل يوميا (حسب عام 1998)، والبوسفور في تركيا، ثم قناة بنما. وهكذا فإن سياسة أمن النفط والقوى المحركة للطلب والعرض والتقييدات الجغرافية ستلعب دورا هاما في احتمال الصراع على النفط ومساره وموقعه.
وتتكئ الإستراتيجية الأميركية في الخليج على مواجهة سيناريوهات ثلاثة هي: احتواء العراق ومواجهة محاولات إيرانية بإغلاق مضيق هرمز أو تعريض شحن النفط في الخليج للخطر، أو قيام ثورة داخلية تكون خطرا على نظم الحكم الموالية لأميركا. وتنفذ هذه الإستراتيجية بوجود عسكري أميركي كثيف في الخليج العربي قوامه 15 ألف جندي تدعمهم ثلاث حاملات طائرات مجهزة بالمقاتلات والطائرات وأربع مدمرات مزودة الصواريخ وطراد وفرقاطات ذات صواريخ موجهة وغواصتان هجوميتان وثلاث سفن حربية. ووضعت مسبقا مخزونات ضخمة من التجهيزات الثقيلة تكفي لاستيعاب عملية نقل سريع لحملة عسكرية مكونة من 15 ألف جندي. وقدمت الولايات المتحدة كميات هائلة من الأسلحة الحديثة لدول مجلس التعاون الخليجي، فقد باعت واشنطن لدول الخليج بين عامي 1990 و1997 أسلحة وذخائر تفوق قيمتها 42 بليون دولار أميركي.
الإيرانيون يسيطرون على مضيق هرمز لأنه ضمن نطاق بلدهموما يساهم في زيادة الصراع هو العلاقة الوثيقة بين الأمن الداخلي والأمن الخارجي، فحين تعجز الحكومات عن توفير الاحتياجات الأساسية لمواطنيها فإنها تواجه معارضة قوية قد تدفع إلى حرب أهلية أو القمع والتسلط أو حرب وصراع مع دول أخرى يمتص النقمة ويوجهها إلى الخارج. إن الموارد الطبيعية هي أساس الحضارة وهي حاجة أساسية للعيش اليومي، ويملك سكان الأرض مخزونا هائلا من الموارد ولكن مستقبل الحياة والاستقرار يعتمد على إقامة نظام تعاون عالمي وتجنب الصراع.
ولكن أهم ما يغفل عنه الكاتب في تحليله لمجريات الصراع الدائر بين دول العالم، أنه لا يميز بين دول تتعرض للاستغلال والاستعمار وسرقة ثرواتها وتحاول الدفاع عنها بشتى الطرق والوسائل وبين دول أخرى استعمارية وإمبريالية ودموية تفتك بشعوب العالم في سبيل تأمين مصالحها الاقتصادية والتوسيعية. ففي حين يأتي الحديث عن الصراع عن الماء يعد "إسرائيل" دولة طبيعية من ضمن الدول التي تحاول الحصول على حصتها من مياه نهر الأردن وبحيرة طبريا، ضاربا عرض الحائط الفرق بين ذئب يعتدي على الحظيرة وبين حارس يحاول حماية مصدر عيشه.



  عدد المشاهدات: 1380

إرسال لصديق

طباعة
شارك برأيك

الاشتراك بالقوائم البريدية
البريدالإلكتروني: