الأمل بالعمل



الأكثر زيارة
 الصفحة الرئيسية   ثقافة و فن   

ابن حنبل وتأسيسه للعقل التكفيري/ عبدالحكيم الفيتوري
June 20, 2014 12:43

كل الأخبار / الحوار المتمدن

الإمام أحمد بن حنبل الشيباني(ت241هـ)علم من أعلام المذاهب السنية ، وإليه ينسب المذهب الحنبلي ،ولا خلاف في عده أحد أقطاب علماء الحديث في عصره ، ولكن الخلاف في عده من الفقهاء . والواقع أن فقهه أكثر ما يبنى على الحديث ، فإذا وجد حديثا صحيحا لم يلتفت إلى غيره ، وإذا وجد حديثا مرسلا أو ضعيفا رجحه على القياس ، لذلك فهو يتمسك بظاهر الكتاب والسنة ، ويرى أن القول بالرأي والتعليل والمقاصد ؛ تشريع عقلي ، والدين إلهي !! ولهذا رفض بشدة استعمال العقل(الرأي والتعليل) إلا إذا ورد نص بتحريم أو تحليل وُبين فيه علته ، فحينئذ يجوز أن نشرك في الحكم الأشياء التي لم ينص عليها ولكن تتحد في العلة ، أما إذا لم ينص على العلة ، فليس للمجتهد أن يقول بها من عنده ثم يقيس عليها ، فإن الله تعالى يقول:(وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله)ولم يقل إلى الرأي والقياس والتعليل!!

والواضح أن الحديث في عصر الإمام أحمد وهو المحدث كان في حاجة إلى تأسيس مشروعيته بوصفه مصدرا يساوي القرآن في الحقل الدلالي والتشريعي ، حيث ثمة من يرى أن في القرآن كفاية وغنية عن أحاديث وسنن يصعب التعرف علي مدى صدقها ونسبتها ، وأن دلالة الكتاب حاكمة على المرويات ، وكان هؤلاء فيما يبدو يعتمدون على آيات ومرويات تؤكد موقفهم ، وبالاضافة إلى مواقف بعض الصحابة من مرويات لم يأخذوا بها لتعارضها مع دلالة بعض نصوص القرآن .

وبهذا المنهج الحنبلي الظاهري تأسس عقل -في الحاضر والماضي-لا يفرق بين الحقل الدلالي القرآني ودلالة السنة ، ولا يمايز في مراتب الإحتجاج بينهما ، ولا يفرق بين السنة والحديث ، ولا بين ما صدر عنه صلى الله عليه وسلم من(تشريعي-وقياديي-وجبلي)، لذا لاذ حامل هذا المنهج إلى طرح فكرة (العصمة) ليزيل مثل هذه الاعتراضات التي كان يطرحها خصوم الوقوف على الظاهر ، ومحاكمة الأحداث بالحديث ، ولا يخفى أن فكرة العصمة تدور على رفع البشرية عن رسول الله وإضفاء ثوب الإلهية عليه صلى الله عليه وسلم ،متجاهلة قوله تعالى(قل إنما أنا بشر مثلكم يوحي إليّ)،(قل سبحان ربي هل كنت إلا بشرا رسولا )!!

ومع تجدد قضايا الواقع وتشابك مسائله إحتاج هذا العقل إلى تغطية تلك المستجدات بمرويات منها الغث والسمين ، والصحيح والسقيم ، وهنا برز عامل آخر حاول الاستفادة القصوى من هذا المنهج وتوظيفه لخوض معارك ضارية ضد خصومه ، وهذا العامل كان النظام السياسي السائد آنذاك الذي كان في حاجة ماسة إلى شرعية دينية تقف أمام مناؤيه من ذوي العلم والتنظيم ، حيث تم اللقاء والتفاهم حول قيام حلف بين(الأمراء والعلماء)ضد من يرى أن في القرآن كفاية وغنية عن أحاديث وسنن يصعب التعرف علي مدى صدقها ونسبتها ، وأن دلالة الكتاب حاكمة على المرويات ، ومن يرى منازعة الأمر أهله !! ( ونرى الدعاء لأئمة المسلمين ... وتضليل من رأى الخروج عليهم إذا ظهر منهم ترك الاستقامة ، وندين بإنكار الخروج بالسيف ، وترك القتال في الفتنة)!!

وعلى أساس هذا الحلف صار هذا العقل يوقع عن السلاطين بصحة كبت خصومهم من ذوي العقل والتأويل والتعليل ، والنقد والتمييز ، بل تجاوزت تداعيات هذا الحلف إلى التوقيع عن رب العالمين ... إعلام الموقعين عن رب العالمين !!

وبذلك تمهد السبيل إلى إنتشار هذا المنهج بصورة سريعة ، كذلك بالغ اتباعه في إضفاء القداسة على شخصية مؤسسه الأول حين قال فيه صاحب طبقات الحنابلة:(من أبغض أحمد بن حنبل فهو كافر).وزعموا أن الإمام أحمد به يعرف المسلم من الزنديق(أنظر:مناقب أحمد)!! كل ذلك انعكس سلبا على البنية المعرفية عند المتلقي على المستوى الاجتماعي والسياسي ، إذ سوف تحمله هذه البنية المعرفية إلى الوقوع تحت سيطرة العجيب والمفارق ، ومثالية السلف ، ما تجعله يقوم بإيلاء السلف قيمة العلم الذي اشتغلوا به ، بحيث يضطر معه إلى قبول منهج النقل ونبذ العقل ، بل وشل قدرته على استعمال العقل ، والتفكير ، والنقد ، والتمييز ، ومن ثم إغلاق باب الاجتهاد والجهاد ، وفتح باب التبديع وقبول الملك العضوض !!

__________
تأمل الفتوى الأخيرة للشيخ صالح لحيدان أحد مشايخ الحنابلة في السعودية،والتي بثتها قناة العربية يوم 11/9/2008، حيث جاء في هذه الفتوى المتخلفة الامر بقتل ملاك الفضائيات العربية !!



  عدد المشاهدات: 1039

إرسال لصديق

طباعة


التعليقات:

إرسال تعليق:
الاسم الكامل:
البريد الإلكتروني:
البلد: