الأمل بالعمل



الأكثر زيارة
 الصفحة الرئيسية   ثقافة و فن   

حفيدة الأمير عبد القادر الجزائري ترفض مغادرة سورية وتحب كل من يدافع عنها
December 13, 2015 13:44

حفيدة الأمير عبد القادر الجزائري ترفض مغادرة سورية وتحب كل من يدافع عنها

دمشق-سانا

تعتز الأميرة بديعة الحسني الجزائري بامتلاكها عددا كبيرا من الأصدقاء يتمثلون في كتبها التي تملأ بيتها والتي تتواصل معها كل يوم وتعيد قراءة بعضها ما يملأ وحدتها ويشغل وقتها بعد وفاة زوجها الضابط السوري عدنان العجلاني قبل ثمانية عشر عاما واثنين من أبنائها وسفر الابنين الآخرين.

وما زال القلم رفيق السيدة الثمانينية التي تستفزها بعض الأخبار فتكتب رأيها على الورق تحتفظ ببعضها وتنشر البعض الآخر في مقالات في الصحف والمجلات المحلية كالثورة والوطن والاسبوع الأدبي والأزمنة وفي الدوريات العربية كاليمامة والعربي وروءى الحياة وسيدتي والبصائر ..كما أصدرت مؤخرا كتابها الثالث عشر تحت عنوان “قصص قصيرة من واقع الحياة ” الذي ضمنته بعضا من سيرتها الذاتية .

منذ طفولتها الأولى كانت تكثر من الأسئلة والاستفسارات التي تجعلها تبدو أكبر من عمرها وكانت تتحدث بكلمات فصيحة متأثرة بوالدها .. وكانت مولعة بقراءة الكتب في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والأدبية والطبية حتى أن الكتاب لا يغادر يدها حتى في العطلة الصيفية.

وتمتلك حفيدة الأمير عبد القادر الجزائري مشروعا يعتمد على تصحيح المغالطات التاريخية في المناهج المدرسية وفي الكتب والأبحاث وبدأت فكرة هذا المشروع حسبما قالت في حديث لسانا الثقافية منذ كانت طالبة في مدرسة دوحة الأدب بدمشق عندما قالت معلمة التاريخ في سياق الدرس أن الأمير عبد القادر استسلم فاعترضت على ذلك لأنها كانت تعلم من والدها وجدها أن الأمير خطف من قبل الفرنسيين ولم يستسلم ..ولكن المعلمة هددتها بأنها ستضع لها صفرا إذا لم تكتب حسب المنهاج المقرر الذي أشرف على وضعه الانتداب الفرنسي آنذاك .

وعندما سافرت مع زوجها المريض إلى انكلترا استغلت الفرصة وحسنت لغتها الانكليزية في كامبردج وكانت تقصد المكتبات الكبرى وتنهل من أرشيفها معلومات عن وطنها الأم الجزائر بهدف الحصول على وثائق ترد بها على المغالطات التاريخية ..وفي فرنسا زارت أرشيف مكتبة ضخمة وجمعت معلومات تخدم مشروعها الذي تابعته في دمشق بزيارة المكتبة الظاهرية التي تحتفظ ببطاقة الاشتراك فيها حتى الآن .

وفي أوائل الثمانينيات نشرت كتابها الأول بعنوان ” ناصر الدين الأمير عبد القادر بن محي الدين في حقبة من تاريخ الجزائر ” بعد سنوات من البحث وجمع الأدلة وتقاطع المعلومات والتوثيق الذي تعتبره أكثر صعوبة من الكتابة نفسها .. وصار هاجسها الدائم تصحيح الأخطاء التاريخية وخصوصا عندما وقع بين يديها كتاب بعنوان “حياة الأمير عبد القادر لشارل هنري تشرشل مليء بالمغالطات والأكاذيب والاتهامات فردت عليه بكتاب عنوانه ” ردود وتعليقات على كتاب … من إصدارات دار الفكر عام2001.

وعن سبب استقالتها من مؤسسة الأمير عبد القادر قالت الأميرة بديعة إن ما تضمنته مجلة المسالك الشهرية الصادرة عن المؤسسة كان مخالفا لفكر الأمير عبد القادر ومشوها لمواقفه الوطنية وعقيدته الإسلامية إضافة إلى نشاطات المؤسسة المشبوهة في الجزائر ما دفعها إلى إعلان انسحابها رسميا في جريدتي الخبر والشعب الجزائريتين.

وكانت للأميرة نشاطات ومشاركات في الحياة السياسية السورية في ستينيات القرن الماضي إذ خرجت في مظاهرات ضد الانفصال وهي في فترة الحمل .. وكانت تجول برفقة سيدات دمشقيات كالدكتورة ليلى صباغ على قرى بريف دمشق وفي حوران لتوعية الفلاحين بمزايا الوحدة وقيمها ومبادئها .. وأثناء العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 تطوعت في المقاومة الشعبية وقادت وحدة فدائية .. وعند احتلال أميركا للعراق عام 2003 خرجت من بيتها رغم تجاوزها السبعين من العمر والتحقت بمظاهرة أمام السفارة الأميركية بدمشق وهتفت بالهتافات المناهضة للاحتلال .

وتتمنى لو أنها بدأت بإصدار أبحاثها وطباعة كتبها وهي في ريعان الصبا إلا أن مسؤولياتها في تربية الأبناء أخذت معظم وقتها إضافة إلى العناية بزوجها الذي أصيب وهو في الثامنة والعشرين من عمره بشلل نصفي متأثرا بقنبلة من مستعمرة إسرائيلية خلال مشاركته في حرب 1948 بفلسطين .. يومها لم تعد زوجة فحسب بل صارت ممرضة وطبيبة نفسية وأم لثلاثة أطفال .. مشيرة إلى أن ما جعلها تنجح في حياتها هو تنظيم وقتها والتفكير بكل صغيرة وكبيرة والأسلوب الجيد في تعاملها مع الناس ومع أولادها ومع أمها التي كانت مسؤولة عنها أيضا .

وترفض الأميرة بديعة مغادرة سورية رغم المغريات الكثيرة من بلدها الأم الجزائر على مستوى الأصدقاء والأقارب حتى أن الحكومة الجزائرية دعتها عبر الاذاعة لمغادرة سورية بسبب الأزمة والظروف الصعبة التي تمر بها كما أن أولادها المغتربين حاولوا مرارا أن يأخذوها للاقامة معهم إلا أنها كانت ترفض كل ذلك وتشعر أنها ستخون سورية البلد الذي احتضنها واحتضن أهلها وأجدادها اذا تركتها قائلة ..”سورية أمي فكيف أتركها ..أنا متمسكة بسورية وأحب وأحترم كل من يحافظ عليها من أعلى الهرم حتى أصغر جندي في الجيش العربي السوري.. وعلى المرأة السورية أن تهتم بنشر الوعي ومحبة الوطن وكيفية الدفاع عنه لدى أبنائها وفي المجتمع” .

وعزت سبب تراجع القراءة والاهتمام بالكتب إلى انتشار التكنولوجيا الحديثة وطغيانها على الفكر لدى الأجيال الجديدة وعدم وجود كتب تغريهم وتتناسب مع أعمارهم وهذه مهمة الكتاب الجدد الذين تنصحهم أن يكتبوا بمصداقية وينوعوا قراءاتهم في مختلف الاتجاهات ما يساعدهم على كتابة الحقائق ويجعل آفاقهم واسعة.

وبالرغم من وجود أحفاد كثيرين للأمير عبد القادر في الجزائر وفي سورية إلا أنها اشتهرت من بين أحفاده بجهودها وعملها الدؤوب لافتة إلى أن كونها حفيدته أعطاها مصداقية وهي تعتز بشخصيته التي طالما حدثت أبناءها عنه كمجاهد دافع عن الجزائر وكانسان متواضع ما يجعله قدوة لأحفاده.

والأميرة بديعة خريجة دار اللغات بدمشق المرخصة من جامعة كمبريدج البريطانية وأسهمت في تأسيس الكثير من الجمعيات النسائية بدمشق كالمبرة والرعاية الاجتماعية وجمعية مكافحة الأمية للسيدات.. وشاركت في عدد من الملتقيات الدولية كمحاضرة في سورية والوطن العربي وتحمل بطاقة عضوية في اتحاد المؤرخين الجزائريين ومن أهم مؤلفاتها “الجذور الخضراء” “الاسس الاقتصادية في الاسلام” “قطوف باسقة” “وما بدلوا تبديلا”.

سلوى صالح 



  عدد المشاهدات:

إرسال لصديق

طباعة
شارك برأيك

الاشتراك بالقوائم البريدية
البريدالإلكتروني: