الأمل بالعمل



الأكثر زيارة
 الصفحة الرئيسية   ثقافة و فن   

من روائع العمارة الإسلامية( المئذنة الهزازة في طيبة الإمام - محافظة حماة ) ... بقلم : يونس أحمد الناصر
June 08, 2013 23:48


المئذنة الهزازة في جامع الإمام علي(والمقصود به الإمام علي عز الدين أحد أحفاد الإمام علي بن ابي طالب) في حماة.. طراز فريد لهندسة العمارة الإسلامية
تعد مئذنة جامع مقام الإمام علي في مدينة طيبة الإمام في محافظة حماة مثالاً فريداً للمآذن الاسطوانية الهزازة وواحدة من بين ثلاث مآذن فقط موجودة في العالم الإسلامي كطراز معماري يعكس المستوى المتقدم والمتطور لهندسة العمارة الإسلامية خلال تلك الفترة التاريخية.
وما يميز هذه المئذنة الهزازة تمايلها المتناغم والمتناسق المستمر الذي يشعر به بشكل ملحوظ كل من يصعد إلى أعلاها وذلك نتيجة تصميمها وفقاً لهذا الغرض حيث بنى المئذنة مجموعة من طائفة الهنود المسلمين الذين أتوا من الهند واستقروا بقرب مقام الإمام ونقلوا ذلك النمط الجديد في بناء المئذنة والذي ينتشر في مناطقهم باعتبار أن طراز عمارة المئذنة الهزازة يكثر في الهند وجنوب شرق آسيا جراء وقوع الكثير من الزلازل والهزات الأرضية والعواصف والتي بإمكان المئذنة الهزازة مقاومة هذه الظروف الطبيعية من خلال عامل الاهتزاز والتمايل المتواصل للمئذنة التي بنيت على قاعدة خشبية مقاومة.
والمئذنة ذات جذع اسطواني كامل الاستدارة باعتبار أن للشكل الدائري بعداً روحياً صوفياً عميقاً كما هو معروف إضافة إلى تصميمها الطبقي الموحد الثابت ما يوحي إلى ثبات المبدأ والعقيدة.


وقد تم تشييد المئذنة مع جامع الإمام علي معاً والمقصود به الإمام علي عز الدين أحد أحفاد الإمام علي بن ابي طالب والذي دفن في موقع طيبة الإمام سنة 300 للهجرة وتدل الكتابة المنقوشة على واجهة الجامع الشمالية والتي لا تزال ظاهرة حتى يومنا هذا على أن الشخص الذي بنى المئذنة والجامع هو الشيخ جمال بن السيد محمود الهندي عام 1002 هجرية.
ويصل ارتفاع المئذنة إلى 25ر13 متراً ويبلغ قطر جسمها المستدير 295 سنتيمترا وعدد درجاتها 55 درجة يرقى إليها من جانبها الشمالي وتتألف المئذنة من عدة أقسام هي القاعدة وهي عبارة عن الجسم المربع الذي يعلوه جسم المئذنة والجذع وهو جسم المئذنة ذو شكل اسطواني مستدير مكون من حطتين يفصلهما طوق بارز على المحيط والكوة وهي عبارة عن فتحة صغيرة في الجذع يمر منها الضوء والهواء والقمرية وهي فتحة إضاءة مستديرة والنافذة الصماء هي نافذة مغلقة من جهة الجنوب بغرض الزينة.
وهناك النافذة المدببة كفتحة في الجذع والقوس الذي يعلو باب المئذنة والشريط الزخرفي وهو طوق يحيط بالجذع والمقرنصات هي عناصر معمارية تزيينية تتوضع في أعلى الجذع بما يشبه التاج وأخيرا المدخل.
أن المئذنة الهزازة تمتاز بشكل بديع يتجلى فيه طراز معماري رفيع ما زال حتى يومنا هذا محافظاً على رونقه و متانته حتى لونه الأصلي المائل إلى لون الطين الذي لم يتم التدخل فيه البتة باعتبار أن الطين يرمز إلى أصل الخلق وإن هذه المئذنة من أهم مآذن العالم الإسلامي على الإطلاق خلال الحقبة العثمانية رغم وجود مئذنتين في مدينة أصفهان الإيرانية لهما المواصفة ذاتها أي الهز.

كما أن المئذنة تخلو من الكتابات التزيينية والرسوم الفسيفسائية والبلاط القيشاني انسجاماً مع روح البساطة والعفوية وإن جسم المئذنة ينفرد ويستقل في بنائه عن جسم الجامع الأمر الذي جعل هذه المئذنة تبدو في شكل يمنح من يراها الإحساس بالشموخ والخشوع والعظمة كما أنها مفتوحة من الأعلى ولا يعلوها رأس يضم المظلة والقلنسوة والجوسة والهلال والشرفة على عكس باقي المآذن الأخرى.

يشار الى تعدد أشكال مآذن المساجد فهناك المآذن المربعة الشكل ذات الأضلاع الرباعية والتي تدل على العهود الإسلامية الأولى وخصوصاً في العهد الأموي ومنها مآذن جامع الزيتونة في تونس و الجامع الأعظم في اشبيليا والجامع الأموي في دمشق واستمر هذا الشكل خلال العصور العباسية والطولونية والإخشيدية والفاطمية والسلجوقية والنورية والأيوبية.
وهناك المآذن ذات الجذوع المثمنة والمتنوعة والتي تضم المقرنصات والعناصر التزيينية الأخرى والمآذن متعددة الأضلاع والتي يقترب شكلها من الاسطواني وتتوج غالباً بقبة زخرفيه صغيرة أو بكرة على هيئة عمامة وكذلك المآذن الاسطوانية ذات الهامة المخروطية وهي عبارة عن أسهم تتجه نحو السماء على شكل أقلام رصاص مبرية كمسجد السلطان أحمد في مدينة اسطنبول التركية والمآذن الملوية والتي يدور السلم من الخارج على بدنها المليء كمسجد ابن طولون ومئذنة مسجد أبي دلف شمال سامراء في العراق إضافة إلى المآذن ذات الجذع الاسطواني كامل الاستدارة كمئذنة طيبة الإمام الهزازة.

الجدير ذكره أنه لم يثبت وجود المآذن في زمن النبي محمد صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين من بعده حيث ان الصحابي بلال الحبشي المؤذن الأول كان يعلن الآذان من أعلى سطح بجانب المسجد وأحياناً كان يصعد فوق سور المدينة وقد ذهب اغلب الباحثين إلى أن أول مئذنة بنيت في الإسلام حسب المصادر التاريخية عام 45 هجرية / 665 ميلادية في مدينة البصرة ومنذ ذلك الحين أصبحت المئذنة جزءاً أساسياً في تكوين المساجد يعلن من أعلاها أوقات دخول الصلاة.





  عدد المشاهدات: 906

إرسال لصديق

طباعة
شارك برأيك

الاشتراك بالقوائم البريدية
البريدالإلكتروني: